«دورة الحواسم»، ثم «دورة الزرقاوي» تلتها دورة فرض القانون، كلها اسماء لدفعات طالبية تخرجت في الأعوام الماضية فيما تستعد «دورة الانتخابات» للتخرج من الجامعات هذه السنة. فلم تمر سوى اسابيع قليلة على انتهاء الانتخابات النيابية في العراق حتى تحولت الى احد رموز حفلات التخرج في الجامعات العراقية، إذ اطلق الطلاب على دفعتهم التي تتهيأ للتخرج نهاية السنة الدراسية الجارية تسمية «دورة الانتخابات». وتستعير غالبية دورات التخرج في العراق اسماءها من الوضعين الأمني والسياسي في البلاد، اذ يلتقط الطلاب اهم حدث شهده العراق خلال عامهم الدراسي ليطلقوه على دفعتهم فيصبح بمثابة التسمية شبه الرسمية لتلك الدفعة. ومع نهاية شهر آذار (مارس) من كل عام يبدأ الطلاب بتنظيم تجمعات وحفلات تخرج داخل الحرم الجامعي، فيرتدي بعضهم اشكالاً غريبة من الأزياء وهم يطلقون الزغاريد ويجوبون الكليات المجاورة قبل الانطلاق في «زفة خاصة» الى احد المطاعم العامة لاستكمال الاحتفال. ويستخدم بعض الشباب وسائل غريبة اثناء زفات التخرج، اذ يركوبون عربة خشبية تجرها الأحصنة عند خروجهم من المدن الجامعية، ويعلق الطلبة الراكبون فوق العربة المزينة لافتة كبيرة يكتب عليها اسم الجامعة والكلية التي يدرسون فيها واسم الدفعة الذي غالباً ما يكون موحداً بين كل الكليات في الجامعة الواحدة. ويقوم شباب آخرون بنشاطات فنية كتقليد احدى الأغاني الفلوكلورية او انتحال شخصيات شعبية مثل بائع اسطوانات الغاز او بائع الكازولين او بعض الشخصيات الكارتونية الشهيرة وهي جزء من النشاطات المعتادة في مثل تلك الاحتفالات. وعلى رغم تذمر رؤساء الجامعات من تلك المهرجانات غير الرسمية التي يقيمها الطلبة، يبدو منع مظاهرها صعباً لا سيما انها باتت تقليداً سنوياً اشبه بالكرنفال الخاص الذي يقيمه الطلاب احتفالاً بانتهاء مرحلة الدراسة الجامعية. والمثير في الأمر هو مشاركة بعض طلاب المراحل غير المنتهية في احتفالات التخرج، وغيابهم عن مقاعد الدراسة في اليوم المخصص لزفة طلاب المرحلة الأخيرة ليتمكنوا من مشاركة زملائهم في تلك الاحتفالات. ويبدو طلبة الكليات الإنسانية والأدبية اكثر اهتماماً بتلك المناسبة من زملائهم في الكليات العلمية الذين غالباً ما يشغلهم هوس النجاح في الامتحانات اكثر من زفات التخرج التي يعتبرها كثيرون مجرد مضيعة للوقت. لكن ذلك لا يعني أن الكليات العلمية تخلو كلياً من بعض العناصر المشاكسين الذين نادراً ما يتخلون عن الاحتفال بهذه المناسبة اياً كانت الأسباب. وتتعرض بعض مظاهر الاحتفال بمناسبة التخرج للانتقاد من كبار السن وبعض المارة من سائقي سيارات الأجرة الذين يطلقون العنان لألسنتهم عند الدخول في زحام سببته احدى زفات التخرج في الشوارع، فيما يشارك بعض السائقين من الشباب فرحة الطلاب بالتزمير لهم او التلويح باليد خصوصاً إذا كانوا ممن سبقوهم إلى التخرج والاحتفال في الأجواء نفسها. اما رجال المرور ونقاط التفتيش المنتشرة في شوارع بغداد فيبدون اكثر سعادة من غيرهم بهذه الزفات التي يظهر فيها الطلبة متوجين بالورود ويقومون بتوزيع الحلوى والسكاكر عند كل نقطة يصلون اليها، فلا يتردد بعض عناصر الجيش والقوات الأمنية في إطلاق الزغاريد والتصفيق مشاركاً الطلاب فرحتهم!