عاد النقاش في شأن العنف المسلح في الولاياتالمتحدة الأميركية ليتصدر صفحات الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، وذلك بعد أحداث إطلاق النار التي حصلت أخيراً في ولايتي كاليفورنيا وسان فرانسيسكو. واختلفت وجهات النظر في شأن هذه القضية ومدى انتشارها، إذ اعتبرت بعض الصحف والدراسات أن العنف الفردي المسلح انخفض بشكل ملحوظ في السنوات الماضية، في حين تبنت صحف أخرى وجهة النظر المعاكسة. وذكرت صحيفة «واشطن بوست» إن العام 1993 شهد سبع حالات قتل بالأسلحة النارية، وانخفض هذا الرقم إلى حوالى النصف بعد 20 عاماً، اي عام 2013، وذلك وفقاً لدراسة أعدها مركز «بيو» للأبحاث بالاستناد الى بيانات «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها». وأرجعت الدراسة هذا الانخفاض إلى رفع موازنة الشرطة الفيدرالية وإضافة 100 ألف شرطي، واستخدام أجهزة الكمبيوتر لرصد وجمع المعلومات حول الجرائم، وانخفاض معدلات معاقرة الكحول، إذ كان 40 في المئة من مرتكبي جرائم القتل في حال سكر. وتفيد الإحصاءات أن نسبة شرب الكحول في الولاياتالمتحدة انخفضت 21 في المئة بين العامين 1980 و2000. واضافت الدراسة ان من بين الاسباب ايضا انخفاض البطالة في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون (1993-2001)، اذ أصبحت الأسر الأميركية في حال اقتصادية جيدة اتاحت لها حماية نفسها من الجرائم، عبر اجراءات مثل تركيب أجهزة إنذار في منازلها. وقدر الباحثون تأثير الوضع الاقتصادي على الجريمة بما يتراوح بين خمسة و 10 في المئة. ويعتبر قانون امتلاك وحيازة الأسلحة من أبرز أسباب العنف المسلح في الولاياتالمتحدة، إذ يوجد 88 سلاح لدى كل 100 شخص وفقا لمسح أجري في العام 2007. ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» فان سكان الولاياتالمتحدة يملكون ما يتراوح بين ثلث ونصف الاسلحة الفردية في العالم رغم انهم لا يمثلون سوى خمسة في المئة من سكان العالم. وتفيد بعض الأرقام أن 40 في المئة من عمليات نقل الأسلحة في الولاياتالمتحدة يتم من دون تحريات، وان معظم حوادث إطلاق النار التي حصلت في السنوات الأخيرة، حصل فيها الجاني على السلاح بطريقة قانونية. من جهته، سعى الرئيس الأميركي باراك أوباما الى تشديد القوانين المتعلقة بالأسلحة بعد حادث نيوتاون في كانون الأول (ديسمبر) 2012، لكنه واجه مقاومة في الكونغرس ومن بعض اقرانه «الديموقراطيين»، ولم يتمكن من إصدار أي قانون بهذا الشأن. وشهت كاليفورنيا الأسبوع الماضي حادث إطلاق نار أدى إلى سقوط 14 قتيلاً و21 مصاباً، نفذه زوجان مناصران لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وكرر أوباما المطالبة بتشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية، بدءاً بمنع الموضوعين على قائمة حظر السفر من شراء أسلحة. وتشير إحصاءات مركز «بيو» إلى أن عدد الأسلحة التي يمتلكها الأميركيون يتراوح بين 270 و310 ملايين قطعة، ما يعني أن كل اميركي يمتلك سلاحاً واحداً على الاقل في المتوسط.