تعاني الولاياتالمتحدة، في السنوات الأخيرة، حوادث قتل وهجوم مسلّح على أبرياء في ولايات مختلفة، منها مقتل 12 شخصاً في إطلاق نار داخل دار سينما في ولاية كولورادو، عند عرض فيلم «باتمان»، وتلاه بأسابيع قليلة مقتل ستة أشخاص في معبد للسيخ في «أوك كريك»، على يد جندي سابق، لتأتي بعد ذلك مجزرة «نيوتاون» في كونيكتيكت التي سقط ضحيتها 20 طفلاً وسبعة بالغين. وأخيراً، وربما ليس آخراً، مجزرة «تشارلستون» التي تعرض فيها تسعة أشخاص للقتل على يد شاب أميركي داخل كنيسة «عمانوئيل» الأفريقية الأسقفية الميثودية، ما أثار مشاعر الأميركيين الذين وصفوا المجزرة بأنها «جريمة كراهية»، وبأنها «مأساة». واعتُبرت واحدة من أسوأ الهجمات الإرهابية على أماكن العبادة في الولاياتالمتحدة. وأثارت هذه الأحداث مخاوف المجتمع من خطورة امتلاك الأسلحة الفردية، وطالبت المرشحة الديموقراطية إلى الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون ب«إصلاح قانون حيازة الأسلحة». وقالت إن «الحس السليم يفرض إجراء هذا الإصلاح التشريعي، الذي من شأنه المساهمة في إنهاء مآسي مماثلة التي تشهدها الولاياتالمتحدة بشكل متكرر، أو على الأقل تحد منها». وينقسم المجتمع الأميركي بين مطالب بتشديد ضوابط حيازة الأسلحة، وبين مَن يرفض المس بحق حيازة الأسلحة. ويقول خبراء مبيعات الأسلحة إن الدفع بإصدار قوانين صارمة وتشديد الإجراءات على امتلاك الأسلحة تدفع الناس في العادة إلى شراء وتخزين الأسلحة النارية قبل أن يتم تضييق الخناق بشكل قانوني. وحذّر الرئيس الأميركي باراك أوباما الشعب من تجاهل هذه الوقائع التي تثير القلق، وأكد أن «هذه المأساة أظهرت لنا إلى أي مدى نحن غافلين»، في إشارة منه إلى الفوضى التي أحدثتها حيازة الأسلحة النارية. وأعرب عن إحباطه حيال عجز الكونغرس عن اتخاذ «حد أدنى من التدابير لتجنّب وقوع الأسلحة النارية في أيدي أشخاص يمكن أن يتسببوا بأضرار كبيرة». ويستمد الدستور الأميركي مادة الحق في التسلح، من القانون الإنكليزي الذي يؤكد أن الحق في التسلح من الحقوق الطبيعية، وأن من حق الفرد امتلاك سلاح لأغراض مشروعة وهي الدفاع عن النفس داخل المنزل. وبحسب موقع «سياسة الولاياتالمتحدة»، يعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أكثر الرؤساء المؤيدين لوضع قوانين وتعديلات دستورية تُقيّد حمل السلاح، في تاريخ الولاياتالمتحدة. غير أنه لم يصدر في عهده أي قانون يقيّد بيع الأسلحة النارية، أو يعمل على تعديل القوانين القائمة. من جهة أخرى، قالت مديرة «المركز القانوني ضد أعمال العنف»، روبين توماس، إن «الدولة الفيديرالية لا تفعل إلا القليل، أو لا شيء، في هذا المجال». يُشار إلى أن الكونغرس أقرّ العام 1993 نصاً، يحمل اسم «قانون برادلي»، يفرض بموجبه التدقيق في السوابق الإجرامية والعقلية قبل بيع أي سلاح، لكن 40 في المئة من المبيعات لا يشملها القانون لأنها تجري بين أفراد على مواقع الكترونية متخصصة، ولا يطاول القانون سوى التجار الذين يملكون تصريحاً بهذه التجارة.