دعا البليونير دونالد ترامب، أبرز المرشحين الجمهوريين لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية المرتقبة العام المقبل، إلى «حظر كامل» على دخول المسلمين الولاياتالمتحدة، في تصريحات أثارت انتقادات من خصومه الجمهوريين، ومن البيت الأبيض والمرشحة الديموقراطية الأقوى في السباق هيلاري كلينتون. تصريحات ترامب جاءت بعد أسبوع على مقتل 14 شخصاً في كاليفورنيا، برصاص زوجين مسلمين متطرفين، وإثر مجزرة باريس الشهر الماضي التي أوقعت 130 قتيلاً، ودفعت ترامب ومرشحين آخرين في حزبه، إلى رفض استقبال اللاجئين السوريين. ويبدو أن اقتراح ترامب ينتهك الدستور الأميركي، ومنع التمييز على أساس الدين، علماً أن منافسه بن كارسون كان اعتبر أن منصب الرئيس في الولاياتالمتحدة لا يتوافق مع الإسلام. وكان ترامب قال الشهر الماضي إن «آلافاً من الأشخاص» في نيوجرسي، بينهم أميركيون عرب، احتفلوا لدى انهيار برجَي «مركز التجارة العالمي» خلال هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وسأل ترامب: «من أين تأتي هذه الكراهية ولماذا، يجب أن نحدد ذلك». وأضاف أمام حشد في ساوث كارولاينا: «لا خيار لدينا. إلى أن نصبح قادرين على تحديد هذه المشكلة وفهمها، والتهديد الخطر الذي تفرضه، لا تستطيع بلادنا أن تبقى ضحية هجمات مرعبة من أفراد يؤمنون بالجهاد فقط، وليس لديهم أي مقدار من العقل أو احترام للحياة البشرية». وفي خطاب ألقاء على متن السفينة الحربية «يو أس أس يوركتاون»، اعتبر أن «الأمر سيزداد سوءاً»، وزاد: «سنشهد مزيداً من حوادث برجَي مركز التجارة العالمي». ورأى أن «الكراهية تفوق التفاهم»، مشيراً إلى الزوجين اللذين ارتكبا هجوم كاليفورنيا، ومنفذي مجزرة باريس. وأضاف إن منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة يجب أن يبقى سارياً «إلى أن يضع نواب البلاد تصوراً لما يحصل». ودعا المرشح الجمهوري إلى إخضاع المساجد في الولاياتالمتحدة لتمحيص، قائلاً: «علينا أن نرى ماذا يحدث». وبرّر موقفه بأن كثيرين من المسلمين يؤيدون الجهاد العنيف ضد الأميركيين، أو يفضّلون العيش وفق تعاليم الشريعة الإسلامية، لا الدستور الأميركي، مشيراً في هذا الصدد إلى استطلاع لمعهد هامشي يديره فرانك غافني الذي وصفه مركز «ساذرن بوفرتي لو» المناهض للعنصرية، بأنه مؤسسة مناهضة للإسلام. واستدرك أن الجنود الأميركيين المسلمين المنتشرين في الخارج، يمكنهم العودة إلى الولاياتالمتحدة. كما في إمكان المسلمين المقيمين في الولاياتالمتحدة البقاء فيها، لكن «يجب أن نكون متيقظين جداً، لأن هناك أفراداً يملكون قنابل». ووَرَدَ في بيان أصدرته حملة ترامب بعنوان «بيان دونالد ترامب لمنع الهجرة الإسلامية»، أن المرشح «يدعو إلى وقف تام وكامل لدخول المسلمين الولاياتالمتحدة، إلى أن يفهم نوابنا ماذا جرى». وأشارت إلى أنها تستند إلى استطلاع للرأي يُظهر «كراهية للأميركيين من شرائح كبرى من المسلمين». ثم قال ترامب لأنصار يهلّلون في ساوث كارولاينا: «لدي أصدقاء مسلمون، وهم أناس جيدون جداً، لكنهم يعرفون أن هناك مشكلة ولم يعد في إمكاننا التساهل إزاء ذلك». ردود فعل تصريحات ترامب أثارت تنديداً واسعاً، إذ اعتبر الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست أن المرشح الجمهوري «يسعى إلى استغلال جانب أكثر ظلاماً، ويحاول اللعب على مخاوف الناس، من أجل حشد تأييد لحملته». وأضاف انه بدل إدانة المسلمين، على المسؤولين الأميركيين أن يعملوا مع قادتهم لاستئصال «التطرف». أما بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، فرأى أن الاقتراح «يناقض قيمنا بوصفنا أميركيين»، وتابع: «لدينا في قانون حقوق الأفراد، احترام لحرية الأديان». واعتبر أن بيان ترامب «يتعارض أيضاً مع أمننا»، مشيراً إلى أن تنظيم «داعش» يحاول الإيحاء بوجود «حرب بين الولاياتالمتحدة والمسلمين». وكتب المرشح الجمهوري جيب بوش على موقع «تويتر»: «دونالد ترامب فقد صوابه، واقتراحاته ليست جدية». كما ندد بموقفه خصومه الجمهوريون في الانتخابات ماركو روبيو وجون كاسيش وكريس كريستي وليندسي غراهام. هيلاري كلينتون اعتبرت أن اقتراح ترامب «مُستهجن ويثير انقساماً وينطوي على أحكام مسبقة»، وخاطبته قائلة: «انت لا تدرك الأمور، هذا يجعلنا أقل أمناً». كما قال المرشح الديموقراطي للرئاسة مارتن أومالي إن «ترامب بدد كل الشكوك: هو يقوم بحملته الرئاسية في شكل فاشي وديماغوجي». دعوة ترامب أثارت أيضاً استياءً شديداً لدى مسلمي الولاياتالمتحدة، إذ أعرب نهاد عوض، المدير التنفيذي ل«مجلس العلاقات الأميركية – الإسلامية»، أبرز مجموعة تُعنى بالحقوق المدنية للمسلمين في البلاد، عن «صدمة شديدة لسماع دونالد ترامب يدعو إلى منع المسلمين بالكامل من دخول الولاياتالمتحدة». وشبّه تصريحاته بالسياسات النازية ضد اليهود، وزاد: «هذا أمر مشين، خصوصاً أنه يصدر عن شخص يريد أن يتقلّد أعلى منصب في البلاد. إنه تصريح متهور يناقض الروح الأميركية. دونالد ترامب يبدو مثل زعيم للغوغاء، أكثر منه زعيم أمّة عظيمة مثل أمّتنا. هو وآخرون هم دمى في أيدي داعش». مخاوف وفي نيوجيرسي، حذر مدير «المركز الإسلامي» أحمد شديد من أن تصريحات ترامب «تعطي الناس الحق في إيذائنا»، وتابع: «أتوسله أن يوقف كل هذه الاتهامات». وحض ترامب وآخرين على أن يعتبروا المسلمين «جزءاً من النسيج الأميركي»، مضيفاً: «نحن جزء من أميركا، ولن نذهب إلى أي مكان آخر». ويعبّر أميركيون مسلمون عن خوفهم، ويتحدثون عن تعرض نساء محجبات لإهانات، أو عن إطلاق نار على سائق سيارة أجرة مسلم أثناء عيد الشكر. وقال مالك متجر في نيويورك انه تعرض لضرب على رأسه من رجل قال «أريد أن أقتل مسلمين».