تجنب لبنان أمس جريمة إرهابية جديدة حين استبق الجيش اللبناني تحرك أحد الانتحاريين لتفجير نفسه في مكان عام وداهم منزله فما كان منه إلا أن فجر نفسه وقتل بذلك والدته وطفلة هي ابنة شقيقته. (للمزيد) وكانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني حصلت على معلومات عن أن المطلوب للعدالة منذ عام 2014 محمد مصطفى حمزة ينوي تفجير نفسه في مكان عام وأنه ينتمي إلى خلية من تنظيم «داعش»، فداهمت منزله في بلدة دير عمار شمال لبنان، لكنه قاوم الدورية التي نفذت المداهمة ورمى على عناصرها رمانتين يدويتين فجرح 7 عسكريين بينهم ضابطان ثم فجر نفسه بحزام ناسف، ما أدى إلى مقتل والدته وابنة شقيقته وإلى جرح والده وزوجته، التي توفيت لاحقاً متأثرة بجروحها، وفق قول مصدر أمني ل «الحياة». وأوضح المصدر أن مخابرات الجيش تلاحق خلية ينتمي إليها حمزة، وأن التوجه إلى توقيفه أنقذ البلد من عملية إرهابية كان ينوي تنفيذها في أحد الأمكنة العامة. وعلى الصعيد السياسي بدا أمس أن العراقيل تزداد أمام إنجاز التسوية التي طرحها زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري على دعم خيار رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية من أجل إنهاء الشغور الرئاسي، بعدما أكدت الأحزاب المسيحية الثلاثة «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون و «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع و «الكتائب» برئاسة النائب سامي الجميل إما رفضها لخيار فرنجية أو تحفظها عن التسوية، مع تلويح مصادر قياداتها بإمكان الاتجاه نحو قيام تحالف مسيحي ضد هذه التسوية في حال الإصرار على خيار فرنجية. وفي وقت كان تيار «المستقبل» يراهن على أن يساعد «حزب الله» في إقناع عون بالموافقة على التسوية باعتبار أن وصول فرنجية للرئاسة مكسب له كقطب من أقطاب تحالف 8 آذار، نقل زوار العماد عون عن أجوائه معلومات تفيد بأنه تبلغ من وفد قيادي من الحزب زاره ليل أول من أمس باسم أمينه العام السيد حسن نصرالله أن «حزب الله» لن يتخلى عن عون وهو مستمر بدعمه للرئاسة. وقالت مصادر عدة ل «الحياة» إن الحزب غير مرتاح إلى الاتفاق الذي جرى بين الحريري وفرنجية بعد مراجعة الموقف، على رغم أن المعلومات كانت أشارت إلى أن رئيس «المردة» قام باتصالاته مع زعيم «المستقبل» بعدما وضع قيادة الحزب في أجواء اللقاءات التمهيدية تحضيراً للقاء بينهما فشجعته عليها. وفسرت مصادر مؤيدة لخيار عون للرئاسة موقف الحزب هذا بالقول إنه طالما قدم الحريري تنازلاً بالقبول بمرشح 8 آذار للرئاسة هو فرنجية، فإن الانتظار بعض الوقت قد يفضي به إلى تقديم تنازل جديد هو القبول بعون، خصوصاً أن التطورات الإقليمية ليست في مصلحة فريق 14 آذار. وفي وقت اعتبرت أوساط سياسية أن انطلاقة الحوار السعودي - الإيراني في فيينا سهلت الإقبال على التسوية الرئاسية في لبنان، فإن مصادر تيار عون و8 آذار تشير إلى أنه مع انعكاس هذا الحوار إيجاباً على الداخل اللبناني، فإنه لا يعني أن الدولتين تسميان الرئيس العتيد بل إن التوازنات الداخلية هي التي ترجح الاسم. وعكس رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل رفض البحث بتأييد فرنجية بقوله: «إننا نريد رئيساً كبيراً وكلما كبر، كان أحسن ولن نقبل للبنان إلا رئيساً قوياً وعلينا أن نصمد...». وقال زوار عون إنه تلقى تطميناً من الرئيس السوري بشار الأسد بأن دمشق ما زالت على دعمها له، طالما هو مستمر بترشيح نفسه للرئاسة. وقالت مصادر مقربة منه في تفسير ذلك على رغم صداقة الأسد مع فرنجية، أن القيادة السورية غير مرتاحة إلى دعم السعودية للأخير للرئاسة، في وقت تخوض الرياض معركة تنحي الأسد. وفي المقابل، نقلت مصادر اطلعت على نتائج المشاورات التي يجريها البطريرك الماروني بشارة الراعي عن النائب الجميل قوله للراعي إنه «في وقت لا يستطيع بشار الأسد أن يكرس حكمه لسورية فكيف نقبل نحن بأن يحكم في لبنان؟». وفي سياق التوقعات عن إمكان قلب التحالفات بسبب التسوية التي يطرحها الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط على خيار فرنجية للرئاسة، قالت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية»، إن جعجع سيضطر إذا كان هناك من حظوظ لفرنجية، إلى أن يؤيد ترشيح العماد عون في وجه فرنجية لأنه ليس في وارد القبول بالأخير. وينتظر أن يلتقي جعجع البطريرك الراعي لإبلاغه رفضه التسوية المطروحة، بعدما كان أبلغه إياها في اتصال هاتفي. ونفت مصادر «القوات» أن يكون جعجع زار البطريرك ليل الخميس الماضي سراً لهذا الغرض. وأدى الموقف المسيحي هذا إلى تأخير إعلان الحريري دعمه لخيار فرنجية. وقالت مصادر «المستقبل» إن زعيمه كان ينوي الحضور إلى بيروت الأسبوع المقبل لإعلان دعمه ترشيح فرنجية، في حال نضوج التسوية على توليه الرئاسة، خصوصاً أن هذا يفترض انعقاد البرلمان لانتخاب الرئيس، لكن العراقيل قد تؤخر هذه الخطوة. ودعا البطريرك الراعي الكتل السياسية إلى «مقاربة المبادرة الجديدة الجدية في شأن انتخاب رئيس للجمهورية، والخروج من أزمة الفراغ في الرئاسة منذ سنة وسبعة أشهر، مقاربة مسؤولة واعية وموضوعية، قوامها التشاور والتوافق، على أساس من التجرد والتعالي عن المصالح الشخصية والفئوية، وانطلاقاً من الواقع الراهن. والبطريركية تسعى جاهدة إلى تعزيز هذا التشاور من أجل ضمان قرار وطني شامل موحد يجمع على شخص المرشح لرئاسة الجمهورية». وتمنى أن «يساعد القديس شربل، المكونات السياسية، على الخروج من زاوية الرؤية الضيقة الى رؤية وطنية شاملة، تلتقط الفرصة السانحة لإجراء خطوة حاسمة نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ونأمل بأن يكون هدية الميلاد ورأس السنة لجميع اللبنانيين وللمنطقة». حوار سعودي - إيراني سهّل إطلاق المبادرة لكن مصادر عون تحصر التسمية بالتوازن الداخلي