رجّح البنك الدولي أن تشهد روسيا انتعاشاً اقتصادياً قوياً هذه السنة، ورأى في تقريرٍ أصدره قبل أيام، ألا يحقق هذا الانتعاش مزيداً من فرص العمل. ويضيف التقرير أنه نتيجة للأزمة العالمية، تعاظمت أهمية الإصلاحات الرامية إلى تحديث القطاع العام وتدعيم القطاع المالي وتحسين مناخ الاستثمار وتنويع أنشطة الاقتصاد. ويتوقع التقرير الذي نشره موقع البنك الدولي الإلكتروني، أن ينتعش الاقتصاد الروسي لينمو بمعدل 5 إلى 5.5 في المئة تقريباً السنة الحالية، يعقبه نمو أكثر اعتدالا بمعدل 3.5 في المئة في 2011، يقوده أساساً انتعاش الطلب المحلي. ويتناول التقرير أوضاع البطالة في معظم البلدان الأخرى ضمن «كومنولث الدول المستقلة»، فيعتبر أن خلق فرص العمل سيكون أبطأ من انتعاش الناتج الاقتصادي. ويقول إن معدل العاطلين من العمل لأجل طويل، ( أكثر من 12 شهراً)، ارتفع من 27 إلى 33 في المئة خلال عام 2009. ويشير تغير هيكل البطالة إلى أن الذين فقدوا وظائفهم خلال الأزمة ما يزالون يجدون مصاعب في العثور على وظائف. ويقدم التقرير الجديد تحليلا محدَّثاً للتطورات والسياسات الاقتصادية لروسيا في الآونة الأخيرة، وأيضاً الآفاق الاقتصادية والاجتماعية في 2010-2011، ويناقش الآثار المحتملة على السياسة في المستقبل، بما فيها الدروس المستفادة من هذه الأزمة. ويعترف التقرير أن خسائر روسيا، على صعيد انخفاض الإنتاج والوظائف والأجور الحقيقية، كانت خلال «الكساد الكبير» الحالي، على ضخامتها، أقل مما كان يُخشى مطلع الأزمة، ويعزى تدنيها في جانب منه، إلى الاستجابة الواسعة على صعيد السياسة العامة لمعالجة الأزمة. ومع أن الناتج الحقيقي انخفض بشدة بنسبة 7.9 في المئة، تبين أن الآثار الاجتماعية كانت إلى حد ما أقل مما كان متوقعاً، وبلغت معدلات البطالة والفقر 8.2 و14 في المئة على التوالي. \ويرجع هذا في الأساس إلى قوة أساسيات المالية العامة قبل الأزمة والتدابير الواسعة لمعالجة آثارها الأزمة وتعادل 6.9 في المئة من الناتج المحلي، ما ساعد على تحقيق استقرار القطاع المالي، وتفادي اندلاع أزمة نقدية، وعزز انتعاش مستويات الإنتاج والدخول. وقال رئيس الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي المعني بروسيا والمؤلف الرئيس للتقرير زيليكو بوغيتيتش: «يُرجح أن تشهد روسيا انتعاشاً نشطاً، وإن كان من دون تحقيق وظائف جديدة نسبياً في 2010-2011. ما يعني أن من غير المحتمل، استناداً إلى الافتراضات الحالية عن آفاق الاقتصاد، أن تشهد روسيا كساداً مزدوجاً وأن الانتعاش سيكون متواصلا ويحركه أساساً انتعاش الطلب المحلي، الاستهلاك والاستثمار». ويفيد التقرير الاقتصادي الروسي الحادي والعشرين، بأن الأزمة تمخضت عن دروس مهمة هي الآتية: ضرورة اتباع سياسة مالية عامة سليمة قبل الأزمة وخلالها، النظر إلى القطاع المالي في إطار تحوطي كلي. إيجاد أدوات ضبط تلقائي أكثر قوة لتحقيق الاستقرار وشبكات موجهة للأمان الاجتماعي. وجوب تفادي التراخي بعد الأزمة والاستمرار في معالجة القضايا الهيكلية على الأجل الطويل. تحسين مناخ الاستثمار وتحديث القطاع العام والاستمرار في تدعيم القطاع المالي، وتحسين القدرة على المنافسة وتنويع النشاط الاقتصادي. وعلى رغم أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 2.7 في المئة في 2010، نمواً تقوده البلدان الصاعدة والنامية، فإن النمو سيكون أكثر تقييداً في البلدان المرتفعة الدخل بسبب ارتفاع معدلات البطالة، وأوضاع الائتمان، والحاجة إلى إلغاء برامج الحفز المالية العامة التي تستهدف تنشيط الاقتصاد. وبدأت تدفقات رأس المال تعود إلى البلدان النامية ومنها روسيا، وإن لم تكن بالقدر الذي شهدته قبل الأزمة. ويُتوقع أن تبقى أسعار برميل النفط مستقرة في نطاق 76-77 دولاراً خلال 2010-2011 ما يبشر باستقرار عائدات روسيا من الصادرات والمالية العامة والروبل الروسي. وقال المدير القطري في البنك الدولي المعني بروسيا بيدرو ألبا: «ساعدت الاستجابة العامة لروسيا في مواجهة الأزمة، البلاد على اجتياز تداعياتها. وخففت زيادات الأجور، ومعاشات التقاعد، وإعانات البطالة من الآثار على الطبقة المتوسطة والفقراء. لكنّ مكونات من تدابير السياسات العامة كان يمكن أن تكون أكثر فعالية وأقل تكلفة لو تركزت بدرجة أكبر على البنية التحتية واستهدفت المساعدات الاجتماعية التي يعتقد أنها تنطوي على مضاعفات أكبر للإنفاق والوظائف». وأعد التقرير فريقُ في البنك الدولي يرأسه زيليكو بوغيتيتش كبير الخبراء الاقتصاديين المعني بروسيا ومنسق القطاع القطري في شبكة تخفيض أعداد الفقراء وإدارة الاقتصاد.