أكد تقرير اقتصادي أن عوائد النفط المتكدسة لدول مجلس التعاون الخليجي توفر سنداً لحكومات دول التعاون في 2009، موضحاً أن فائض المعروض العقاري، والإحجام عن إقراض قطاع العقار والإنشاء أصابا السوق العقارية في دول التعاون بالنمو السلبي العميق. وتوقع التقرير الذي أصدرته شركة المركز المالي الكويتي (المركز) حول القطاع الاستثماري في دول مجلس التعاون للربع الثاني من العام الحالي أن يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل، وما يليه مع ركود اقتصادي طويل، إلى حدوث قفزة في إصدارات الصكوك السيادية، مع محاولة دول التعاون التقدم بمشاريع البنية التحتية ذات الحجم الكبير. وأشار التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه) إلى أن أسعار النفط المنخفضة قد تؤدي لعجز في الموازنة في بعض الحالات، موضحاً أن كلاً من حكومتي قطر والإمارات أعلنتا عن برامج ديون من الحجم الكبير. وأوضح أنه بعد تعرض ثروات المستثمرين في دول مجلس التعاون لضربات وانكماش في الربع الأخير من العام الماضي، أخذوا يتبعون طريقة الانتظار ومراقبة السوق قبل الإقدام على أية عملية استثمار، ومن المرجح بدرجة كبيرة أن يضع هؤلاء أموالهم في إصدارات مدعومة من الحكومة بدلاً من صكوك تصدرها شركات. ورأى التقرير أن المستثمرين في الوقت الحاضر يتجنبون بدرجة كبيرة الاستثمارات ذات المستوى العالي من المخاطر، لكنه في الوقت ذاته يتوقع أن يرتفع الطلب في النصف الثاني من العام الحالي. ورجح التقرير (وفقاً لمحللين) أن تزداد إصدارات الصكوك في النصف الثاني من 2009 أكثر من الضعف، إذ تبلغ قيمة الصكوك التي من المتوقع إصدارها مستقبلاً نحو 39 بليون دولار، ويتوقع أن تصدر دول التعاون ثلثي هذه القيمة تقريباً، في حين يتنبأ محللون آخرون ألا تتجاوز قيمة الإصدارات العالمية بليوني دولار. وعلى رغم أن التقرير يستبعد حدوث مثل هذه النتيجة السلبية، إلا أنه لا يتوقع في الوقت ذاته أن تصل مستويات قيمة إصدارات الصكوك لهذه العام لمستوى 2007، كما يتوقع التقرير أن يبقى الربع الثاني من هذا العام راكداً، قبل أن يصعد في النصف الثاني. وتطرق التقرير إلى شركات الملكية الخاصة، وقال إنها تحتل مركزاً فريداً العام الحالي، مشيراً إلى أن الحكومات الخليجية تتسابق لضخ السيولة في اقتصاداتها، عبر دعم البنوك المحلية. وأضاف: «مع ذلك فمن غير المتوقع أن تجد هذه السيولة طريقاً نحو صفقات الملكية الخاصة على المدى القريب»، وتوقع أن تعاني بيوت الملكية الخاصة ذات الشهرة والسجل الأقل من انقطاع الحدود الائتمانية من المؤسسات المحلية والدولية، حتى تعود السيولة والثقة للنظام المالي العالمي. وأشار إلى أنه حتى الآن تم تسجيل 7 صفقات في هذا القطاع في 2009، وهو مساو للفترة ذاتها من عام 2008، إذ تم تنفيذ 10 صفقات آنذاك، ويتوقع أن يشهد النشاط الاستثماري تصاعداً في النصف الثاني من هذا العام، مع توزيع شركات الملكية الخاصة لرأس المال على شركات ضعيفة التقويم. وقال التقرير: «إن سوق الاكتتابات اقترب من التوقف، إذ انخفضت قيمة عمليات الاكتتاب العام بنسبة 98 في المئة في الربع الأول من هذا العام إلى 99 مليون دولار، في مقابل 4 بلايين دولار في الفترة ذاتها من 2008». وبالنسبة لسوق العقار، قال التقرير: «إن فائض المعروض العقاري، إلى جانب الإحجام عن إقراض قطاع العقار والإنشاء المدفوع بانعدام الثقة في الصناعة أصابا السوق العقاري ككل في دول التعاون بالنمو السلبي العميق». وفي السعودية، ذكر أن التوقعات الاقتصادية المنخفضة، والافتقار إلى الرهن العقاري أبقيا نمو الطلب ضمن دائرة المراقبة والتدقيق بالنسبة للعقارات السكنية. وأوضح أنه من المتوقع استكمال مشاريع قيمتها بليوني دولار في غضون الأشهر المقبلة، أبرزها مشروع أبراج جدة البالغ كلفته 500 مليون دولار، ومشروع أبراج فندق الميريديان بكلفة 450 مليون دولار، ومشروع القصر بكلفة 350 مليون دولار. وبين أن التقرير ينظر إلى قطاع العقارات في المملكة نظرة حيادية، ومع ذلك، يمكن لتمرير قانون الرهن العقاري أن يغير وجهات نظر السوق حيال توقعات الطلب على رغم أن توقيته لا يزال غير مؤكد، وتبدو الصناعة جاهزة لانتهاز الفرصة المتوافرة لحظة تمرير القانون. وأبدى التقرير نظرة مستقبلية سلبية للسوق العقارية في الإمارات، بسبب استمرار تقلبات وعدم استقرار توقعات الطلب، خصوصاً في دبي، نظراً لزيادة المعروض، ومن المتوقع أن يبقى الطلب مقيداً، وأن يتم تأجيل إنشاء مشاريع عقارية قيمتها 80 بليون دولار تقريباً كان من المقرر استكمالها في الأشهر المقبلة. وحول أسواق الأسهم، قال تقرير «المركز» إن أسواق دول مجلس التعاون منيت خلال الربع الأخير من العام الماضي لخسارة بلغت 13 بليون دولار، في مقابل أرباح بلغت 14 بليوناً. وعلى صعيد السيولة، قال التقرير: «إن مستوى القيمة الكلية المتداولة شهد انخفاضاً بنسبة 20 في المئة على الأساس الفصلي في الربع الأول من 2009، وانخفاضاً بنسبة 63 في المئة على الأساس السنوي، وتصنف مستويات السيولة في دول المنطقة للربع الثاني من 2009 عند درجة سلبية، مع استمرار مواجهة العملاء صعوبة في الحصول على قروض». ولفت إلى أن انخفاض مستويات الأسعار يجعل عائد السهم في أسواق المنطقة جذاباً، إذ يبلغ متوسط ربحية السهم فيها 6.52 في المئة، وأنه باستثناء الكويت والبحرين، فإن بقية أسواق دول المنطقة تصنف إيجابياً بالنسبة لمستويات التقويم، أما السعودية فتصنف حيادياً.