أخفق اجتماع زعماء تحالف المعارضة السودانية الذي عقد في أم درمان أمس في غياب «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، في الخروج بموقف محدد في شأن المشاركة في الانتخابات التي تجرى بعد عشرة أيام أو مقاطعتها، وتعهدوا بموقف حاسم مساء اليوم بعد التنسيق مع مرشحي الرئاسة. وعزا رئيس هيئة التحالف المعارض فاروق أبو عيسى في مؤتمر صحافي عقب اجتماع بعض قادة التحالف، غياب «الحركة الشعبية» إلى دعوة قياداتها إلى اجتماع في جوبا عاصمة الجنوب، مؤكداً مشاركتها في اجتماع اليوم والالتزام بما تقرره القوى السياسية. وأوضح أن ممثل حزب «المؤتمر الشعبي» أبلغ الاجتماع بتمسك حزبه بموقفة الرافض لإرجاء الانتخابات، «لكنه لن يشذ عن قرار الإجماع الوطني». وأكد أبو عيسى «حرص التحالف على إعلان موقف جماعي موحد بمشاركة الأطراف كافة». وقال إن «التكالب على أي انتخابات مرفوض، والمجتمعون رأوا أن مرشحي الرئاسة تقدموا بمذكرة إلى الرئاسة ومفوضية الانتخابات وأمهلوها 72 ساعة تنتهي اليوم، ومن الحكمة أن يتم التنسيق مع مرشحي الرئاسة». لكنه أضاف: «إذا أجريت الانتخابات، فستكون كارثة للسودان». واكتفى الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين وضم زعماء أحزاب «الأمة» الصادق المهدي، و «الشيوعي» محمد إبراهيم نقد، و «الأمة - الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل المهدي وآخرين، بإصدار بيان أكد «كسب التحالف المعركة الإعلامية والسياسية والديبلوماسية». وجدد البيان الذي تلته القيادية في «حزب الأمة» مريم الصادق، اتهام مفوضية الانتخابات بعدم الحياد، مطالباً بمراجعة عملها إدارياً ومالياً. وجدد اتهام «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم بالسيطرة على العملية الانتخابية وعدم معالجة تجاوزات الإحصاء السكاني والتسجيل. واستنكر الربط بين إرجاء الانتخابات وإجراء الاستفتاء على استقلال الجنوب في موعده. وطالب مجدداً بإرجاء الانتخابات «لعدم توافر البيئة المؤاتية لقيامها»، داعياً الأحزاب إلى «الإجماع على التأجيل». وأضافت الصادق: «نكرر أن من الأهمية بمكان إرجاء الانتخابات إلى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. لا نريد انتخابات صورية تتسبب بمزيد من المشاكل». انتقادات حادة للبشير وأعلنت «الحركة الشعبية» أنها ستتبنى الموقف الذي سيخرج به اجتماع قوى الإجماع الوطني، تجاه العملية الانتخابية، سواء بالمشاركة أو المقاطعة. وقال الأمين العام للحركة باقان أموم: «في حال اختاروا المقاطعة، سنقاطع الانتخابات في شمال البلاد ونخوضها على مستوى الجنوب وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان» وهي المناطق التي يشملهما اتفاق السلام، «لما ينتظر المنطقتين (جنوب السودان وجنوب كردفان) من استفتاء على تقرير المصير ومشورة شعبية». وطالب أموم الرئيس عمر البشير «بالكف عن إطلاق التهديدات لشعب الجنوب بعرقلة الاستفتاء». وقال: «ننصح البشير ألا يلجأ إلى تهديد شعب الجنوب، لا سيما أن حق تقرير المصير لم يكن هبة من أي شخص، وإنما جاء نتيجة لنضال شعب الجنوب وهو قادر على الدفاع عن حقه». وأضاف أن «البشير يعلم جيداً عدم وجود علاقة بين الانتخابات والاستفتاء، أو اشتراط بضرورة مشاركة الحركة في الانتخابات لإجراء الاستفتاء». وتساءل عن «الحجج التي يمتلكها البشير للتهديد بعرقلة العملية في ظل عدم مطالبة الحركة بالتأجيل وخوضها الانتخابات على مستوى الجنوب والمنطقتين». وزاد: «يبدو أن البشير هذه الأيام في حال غير مستقرة، فيطلق التهديدات تارة بتقطيع أوصال المراقبين الدوليين وطردهم، وأخرى بتهديد شعب الجنوب بعرقلة الاستفتاء». وكان البشير قال إنه «إذا رفضت الحركة الشعبية إجراء الانتخابات سنرفض إجراء الاستفتاء، ولن نقبل تأجيل الانتخابات حتى ليوم واحد». وتمسك أمس بهذا الموقف وكرره أمام حشد من أنصاره في الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق المتاخمة للحدود الإثيوبية. وقال: «لا تأجيل... لن يتم تأجيل الانتخابات أو إلغائها». واعتبر موقف المعارضة «محيراً». ورأى انه «كان من المفروض ألا يتحمس الحكم للمنافسة لأنه في السلطة، لكن أن تطالب المعارضة بالإرجاء، فهذا غير مفهوم». «التلاعب» بنتائج الانتخابات إلى ذلك، أكدت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير أن «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم يحضر منذ مدة طويلة للتلاعب بنتائج الانتخابات. وقال معد الدراسة فؤاد حكمت، وهو اختصاصي في شؤون السودان في المجموعة، إن «الظروف القانونية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة غير متوافرة بكل بساطة. وعلى المجتمع الدولي أن يقر بأن الفائز في هذه الانتخابات سيفتقر إلى الشرعية». وأضاف التقرير أن الحكم «تلاعب» بعمليات إحصاء الناخبين وتسجيلهم، وسن قانون الانتخابات لمصلحته، وفصل الدوائر الانتخابية على هواه، واشترى ولاء زعماء العشائر والقبائل. وأكد أن حزب البشير «فعل هذا في سائر أنحاء السودان، لكن خصوصاً في دارفور، حيث عمل بحرية مطلقة على تنفيذ هذه الاستراتيجية كونها المنطقة الوحيدة في البلاد الخاضعة لنظام الطوارئ». وأضاف أن «الفوز في الانتخابات في دارفور بفارق كبير يرتدي أهمية قصوى لحزب المؤتمر الوطني بغية ضمان حصوله على ما يكفي من الأصوات في شمال السودان ومواصلة هيمنته على الصعيد الوطني». وأشار إلى أن «مراقبين محليين ودوليين يقولون إن الكثير من الجماعات المستهدفة في الصراع، خصوصاً النازحين، لم يكونوا قادرين على تسجيل أسمائهم أو رفضوا ذلك... وفي كثير من الأحيان كان الناس يحرمون عن عمد من الوقت أو المعلومات الكافية، في حين عملت فرق بحماسة في مناطق نائية على تسجيل البدو الذين يدعمون الحكومة». وذكر أن كثيرين من المسؤولين الذين يتولون مناصب متوسطة في مفوضية الانتخابات هم من أنصار «المؤتمر الوطني»، ما تنفيه المفوضية.