ربما لم يخترع جورج إيستمان التصوير، إلا أنه وضع الأسس التي غيرته إلى الأبد، ليتطور ويصبح في متناول مستخدمي الهاتف الذكي أو المصورين المحترفين، محققاً بذلك حلم ابن الهيثم بفارق 250 عاماً. وُلِد جورج إيستمان عام 1854 وهو مؤسس شركة «كوداك» الشهيرة عام 1888، ومخترع الفيلم المرن الملفوف الذي أحدث ثورة في عالم التصوير، وساعد على تطوير تقنيات التصوير السينمائي. وحول التصوير من مهنة معقدة وخطرة تعتمد على الكيماويات والمعدات الضخمة المعقدة، إلى مهمة يستطيع القيام بها طفل صغير. وكانت «كوداك» افتتحت رسمياً عام 1890، لتسيطر على سوق التصوير في العام نفسه، وتطلق أول كاميراتها المزودة بفيلم إيستمان الملفوف بسعر لم يتعد 25 دولاراً. وتحت شعار «إضغط الزر.. ونحن نقوم بالباقي»، لم يكن على المستخدم أن يطبع فيلمه بنفسه، فما كان عليه إلا أن يرسل الكاميرا وبداخلها الفيلم إلى «كوداك» لتقوم بعمليات التحميض والطباعة. وعمل إيستمان محاسباً في بنك، عندما قرر الذهاب في رحلة لقضاء إجازته مع والدته، وكان يريد توثيق الرحلة بالكاميرا المتوفرة في تلك الأيام، والتي كانت كبيرة وثقيلة ومعقدة وتستخدم كيماويات خطرة، فانتهى الأمر بإلغاء الرحلة، وبدأ إيستمان التفكير بتطوير التصوير وآلته. وطور إيستمان في البداية «لوح التصوير» الذي كان مصنوعاً من الزجاج، ويوجد على سطحه كيماويات لإنتاج الصورة، وحوّله إلى آخر مصنوع من «الجيلاتين» (مكونات حلوى الجيلي نفسها)، فصار أخف وزناً وأقل خطراً. وفي العام 1884، طوّر إيستمان الفيلم الملفوف، ثم طوّر في العام 1895 آلة التصوير «بروني» التي تعتبر بداية التصوير الحديث المعتمد على اللقطات، لينتشر اسم «كوداك» حول العالم، حتى إن الناس استبدلوا كلمة كاميرا بكلمة «كوداك» وقتها. واستمرت نجاحات الشركة وإيستمان حتى 14 (مارس) 1932 حين جمع إيستمان أصدقاءه وكتب وصيته أمامهم، ليتأكدوا من صحته العقلية وليشهدوا على الوصية التي خصص بموجبها جزءاً كبيراً من ثروته لمدينته روتشستر، وجزءاً آخر للعناية بالأسنان في المدينة. وذكر أنه «يريد أن يتأكد من أن كل أطفال المدينة يحصلون على رعاية جيدة لأسنانهم»، وخصّص 200 ألف دولار لقريبته إلين. وبعدما فرغ إيستمان من كتابة وصيته، وقعها وطلب من أصدقائه المغادرة. ثم أخذ ورقة وكتب عليها: «إلى أصدقائي، لقد أنجزت عملي فلماذا الانتظار؟». ووقع على الورقة بالأحرف الأولى من اسمه وعائلته، ثم أخرج مسدسه الشخصي، وأطلق النار على صدره لينهي حياته.