استبعد مجلس الدولة الفرنسي فرض حظر تام على النقاب في فرنسا، وأعاد بذلك فتح النقاش الحاد الدائر منذ تسعة أشهر حول هذه الظاهرة التي يقر معظم المعنيين بأنها هامشية. وخذل المجلس الذي يعد أعلى الهيئات القانونية والإدارية الفرنسية كلاً من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة فرانسوا فيون اللذين عبرا عن رغبتهما في إصدار قانون يحظر النقاب باعتباره مناف لقيم الجمهورية. وأوضح مجلس الدولة في تقرير أعده في هذا الشأن وسلمه الى فيون أمس، أن «الحظر الشامل والتام» للنقاب «لا يمكن أن يستند على ما يبدو الى أي أساس قانوني غير قابل للجدل». لكن المجلس رأى أن من الممكن حظر النقاب «في أماكن محددة» أي في الدوائر العامة أو «لدى القيام بإجراءات معينة»، تفرض الكشف عن الوجه، مثل الأمور المتعلقة بالنظام العام ومكافحة التزوير. وكان المجلس بدأ العمل على هذا التقرير منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد تقديم لجنة برلمانية مختصة، توصياتها حول مكافحة ظاهرة النقاب التي تعني بضع مئات من النساء في فرنسا. وبرر رئيس الحكومة الفرنسي طلبه لتقرير مجلس الدولة، بأنه سيسمح للحكومة اتخاذ موقف تحكيمي من النقاب وتقديم مشروع قانون حول حظره في أقرب وقت ممكن. ولكن الموقف الذي ضمنه المجلس في تقريره لا يتطابق تماماً مع مسعى ساركوزي وفيون الهادف الى اعتماد قانون يحظر تماماً ارتداء النقاب، ما يعتبر نكسة للإرادة السياسية أمام الموقف القانوني الأعلى. وأثار تقرير مجلس الدولة تساؤلات عن عزم السلطات الفرنسية الأخذ به أو تجاوزه انسجاماً مع المواقف القاطعة التي عبرت عنها في شأن النقاب. وأكد ساركوزي في مناسبات عدة أن النقاب «غير مرحب به في فرنسا ومناف لنظرتنا الى كرامة المرأة». كما أن رئيس كتلة نواب حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» (الحاكم) جان فرانسوا كوبيه كان استبق توصيات اللجنة البرلمانية وطرح مشروع قانون يقضي بحظر النقاب. وعلّق كوبيه أمس على تقرير المجلس بالقول إنه «رأي» والآراء «يمكن أن تكون مهمة لكنها غير حاسمة». وبانتظار التفاعلات المرتقبة لتقرير المجلس، فإن هذا الموضوع الذي أثير في فرنسا على هامش النقاش حول الهوية الوطنية، لا يمثل قضية ملحة بالنسبة الى غالبية الفرنسيين الذين يفضلون التركيز على تبعات الأزمة الاقتصادية.