بدأت بوادر أزمة سياسية بين الحزبين الكرديين الرئيسين على خلفية نتائج الانتخابات الأخيرة التي أفرزت تفوقاً كبيراً للحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارازني على «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة جلال طالباني. وتوقع مراقبون أن يكون رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح أول ضحايا هذا الاختلال بعد مطالبات حزبية من داخل إعلام حزب بارزاني بإقالته. وكانت مجلة «كولان» التابعة لإعلام «الحزب الديموقراطي الكردستاني» نشرت أول من أمس تقريراً تناولت فيه أداء الحكومة الكردية الحالية ورئيسها برهم صالح وقالت بوجود «فارق كبير بين خطاباته والأهداف التي يتحدث عنها وبين مسيرة عمل حكومته»، مشيرة الى أن صالح يسعى الى جعل حكومة الإقليم «أداة دعاية للاتحاد الوطني الكردستاني». وأضاف التقرير: «على رغم الانتكاسة الجماهيرية التي مني بها الاتحاد الوطني الكردستاني في انتخابات برلمان إقليم كردستان في تموز (يوليو) الماضي إلا أن الحزب الديموقراطي الكردستاني ظل ملتزماً تعهداته وبنود الاتفاق الاستراتيجي الذي يربطه مع الاتحاد الوطني وبأسس النظام الذي أسسته حكومة نيجيرفان بارزاني فقد سلم رئاسة الحكومة الى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي لم يتمكن من الحصول على عدد مقنع من أصوات الناخبين في مدينة السليمانية أيضاً». وتابع التقرير: «السيد برهم صالح له تجربتان في الحكم، الأولى كانت لدى ترؤسه إدارة السليمانية (عندما كانت حكومة الإقليم منقسمة الى إدارتي أربيل والسليمانية) آنذاك كان وصوله الى الحكم أشبه بفرض الذات ولم يكن من خلال عملية أساسية ديموقراطية، لسنا بصدد القول إن إدارته آنذاك لم تكن جيدة، كانت جيدة لشخصه ولحزبه لكنها تركت أثراً سلبياً لدى مواطني مدينة السليمانية». لكن بياناً ل «الديموقراطي الكردستاني» استدرك نشر التقرير الذي أثار ردود فعل داخل أوساط حزب طالباني أكد أن «الحزب يدعم حكومة إقليم كردستان العراق ورئيسها برهم صالح»، مبيناً أن «من السابق لأوانه مقارنة إنجازات الحكومة الحالية بسابقتها». وذكر بيان «الحزب الديموقراطي الكردستاني» أن «ما ورد في تقرير مجلة كولان لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر حزبنا حول الكابينة السادسة لحكومة إقليم كردستان ورئيسها السيد برهم صالح، نحن بقدر الاتحاد الوطني الكردستاني ندعمه إذ أنه يترأس الحكومة المشتركة بين الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني كما أن نائبه هو السيد أزاد برواري وهو عضو فعال في مكتبنا السياسي لذا فأننا نكرر دعمنا لهم مجدداً». من جهته، أصدر مكتب رئيس الحكومة السابق نيجيرفان بارزاني بياناً أعرب فيه عن استيائه من هذه التوجهات «وأن كانت لغرض الوصف والنقد لكن نتائج سلبية ترد عنها». وأشار البيان الى أن «عمر الحكومة الحالية هو ستة أشهر فقط وهي فترة قصيرة وغير كافية لتقويم أداء أي حكومة، كما أن برهم صالح يدير دفة الحكومة بنجاح واقتدار ووضع أسساً ناجحة وعملية لمستقبل الحكومة، نحن ندعم الحكومة الحالية ونقف خلفها إذ أنها نتيجة تعاون الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني والأطراف الكردستانية الأخرى ونحن نعتبرها حكومتنا وأننا جزء منها ونجاحها يعني نجاح شعب كردستان، كما أن تقرير المجلة لمح الى وجود خلافات بين صالح وبارزاني ونحن نؤكد أن الاتفاق على رئاسة الحكومة جاء قبل انتخابات برلمان كردستان وأسسنا الحكومة الحالية بصيغة أخوية وديموقراطية». وقال مصدر سياسي رفيع في «الاتحاد الوطني الكردستاني»، رفض الكشف عن هويته، ل «الحياة» إن «الاتحاد الوطني الكردستاني لا يعتد بمواقف إعلامية معينة تمسه، بل يعتد بالموقف السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني في مثل هذه التطورات، وهو حزب حليف ومرتبط معنا بالاتفاق الاستراتيجي»، من دون إضافة أي تفاصيل أخرى. وكان برهم صالح انتخب في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي رئيساً لوزراء إقليم كردستان وتتكون حكومته من 19 وزارة. وأفرزت الانتخابات البرلمانية الأخيرة تبايناً كبيراً في وزني الحزبين لمصلحة حزب بارزاني الذي نال ما لا يقل عن 30 مقعداً من بين 43 مقعداً نالتها قائمة التحالف الكردستاني التي تضم الحزبين.