في مدينة شبه مهجورة حاولت مجموعة شباب تجسيد واقعها ومعاناتها في مسرحية كل شيء فيها بسيط بدءاً من منصة العرض التي صنعت من أخشاب مقاعد المدارس المدمرة، وصولاً إلى الديكور والملابس وتجهيزات الإضاءة. «تسليط الأضواء» هو العنوان الذي حملته هذه المسرحية التي دارت أحداثها في أحد الأحياء التي خرجت عن سيطرة النظام في دير الزور شرقي سورية، حيث قامت مجموعة من طلاب مدرستين ابتدائية وإعدادية تابعة لحركة «نشطاء»، بأداء أدوار هذه المسرحية التي تناولت واقع ومعاناة الشعب السوري خلال الثورة. العمل الذي كتب أحداثه «عمار عبيد» الشاب الثلاثيني من مدينة دير الزور، سلّط الضوء على تخاذل المجتمع الدولي والمال السياسي الذي أرسل من الخارج وفق توجهات ومصالح خاصة والذي «ساهم إلى حدّ كبير في بثّ التفرقة بين السوريين» على حدّ قول عبيد الذي أضاف ل «الحياة»: «ولكنني في نهاية الأمر أركز على نقطة مهمة وهي الأمل بالجيل الجديد». رصاص قناص صعوبة لابدّ من مواجهتها صعوبات كثيرة واجهت «عبيد» خلال التحضير لهذه المسرحية بدءاً من القصف اليومي الذي أثّر في وتيرة التدريبات. يقول «عبيد»: «للوصول إلى مقرّ التدريبات يجب اجتياز شارع يسطو عليه قناص تابع للنظام والذي منعنا أكثر من خمس مرات من التدرّب، بالإضافة إلى مشاكل أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية كانقطاع التيار الكهربائي المستمر وعدم توافر الوقود». شارك بالتمثيل في «تسليط الأضواء» قرابة 15 شاباً وفتاة، حرصوا من خلال النص على «توعية المتلقي بحقيقة ما يحدث على أرض الواقع والتركيز على جانب مهم وهو أهمية التسلّح بالمعرفة والعلم وفي نهاية الأمر إعادة الأمل بعدما سيطر اليأس على كثير من أفراد المجتمع». العمل المسرحي الذي لم يتلق القائمون عليه أي تمويل تم إنجازه بفضل حركة «نشطاء» التي ساهمت بكل إمكانياتها لإنجاح هذا العمل، و»نشطاء» التي يعتبر عبيد عضواً مؤسساً فيها هي حركة اجتماعية تعمل في دير الزور. ودير الزور هي إحدى المدن السورية التي لا تخلو من تواجد الكتائب الإسلامية التي أظهرت في بعض المناسبات عدم موافقتها على أي من هذه النشاطات الثقافية إلا أنها لم تتعرّض لهذا العمل المسرحي وحول ذلك أضاف «عبيد» : «في هذه المرحلة لم نواجه أية مصاعب والعرض مازال مستمراً ولكن لا نعرف ماذا تخبّئ لنا الأيام القادمة». ويختتم: « رغم أن مسرحية تسليط أضواء ليست النشاط الثقافي الوحيد الذي شهدته دير الزور في أحيائها المحررة إلا أنها ووفق قناعات الكثير من الناشطين، الأبرز والأكثر أهمية، بل أنها التجربة الأولى في المناطق المحررة بسورية».