تكثفت الاتصالات في لبنان لإنضاج الإعلان عن اتفاق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية على دعم ترشيح الثاني لرئاسة الجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، فيما استؤنفت الاتصالات لإزالة العقبات التي حالت دون تنفيذ صفقة مبادلة العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» أول من أمس على أمل تنفيذها خلال ساعات. وأدت معالجة بعض العراقيل إلى زيارة قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لجرود عرسال بعد ظهر أمس لتفقد نقطة التبادل ثم عاد إلى البلدة، ما رفع منسوب التفاؤل بإمكان تنفيذ هذا التبادل. وأصدرت المديرية العامة للأمن العام بعيد الثامنة ليلاً بياناً طلبت فيه من وسائل الإعلام «عدم نشر أي معلومة تتعلق بالمبادلة، والانتظار حتى إتمامها ليُعلن عنها رسمياً»، وأشارت إلى أن «بعضها (وسائل الإعلام) يتداول معلومات مغلوطة». وانصرف كل من الحريري وفرنجية إلى ترتيب موقف فريقه لإزالة تحفظات أو معالجة ضمانات يطرحها هذا الحليف أو ذاك. وانتقل البحث في الصفقة الرئاسية إلى الحوار بين «المستقبل» و «حزب الله» الذي يفترض أن يساهم في تذليل اعتراضات حليفه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على وقوع الخيار على فرنجية بدلاً منه، بعدما أظهر لقاء فرنجية مع رئيس «التيار الوطني» وزير الخارجية جبران باسيل أول من أمس تباعداً في المواقف، وفق قول مصادر سياسية مطلعة ل «الحياة». والتأمت الجولة ال21 من الحوار بين «المستقبل» والحزب مساء أمس برعاية رئيس البرلمان نبيه بري ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل للبحث في سبل تسريع عملية إنهاء الشغور الرئاسي، وسط معلومات عن أن الحزب الذي كان تمسك بترشح عون منذ زهاء سنتين وأبقى على فرنجية خياراً ثانياً بديلاً، سيطلب من زعيم «التيار الحر» دعم ترشيح رئيس «المردة». وعكس المكتب الإعلامي للنائب فرنجية أمس، ما وصفه سياسي مؤيد لاتفاق الحريري- فرنجية ب «الحساسية التي غلبت على لقاء فرنجية - باسيل»، إذ إن البيان جاء «رداً على تسريبات» في الصحف عما دار في اللقاء فأكد «منح ترشيح العماد عون المزيد من الوقت إذا كان هناك نية فعلية للتوافق حوله، أما إذا كان الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية فهذا موضوع آخر». وأردف بيان مكتب فرنجية بأنه «إذا كان رفض ترشيحه على قاعدة ليش إنت ومش أنا، فالأمر غير مقبول». ورأت أكثر من جهة سياسية أن البيان «دليل على أن الهوة تتسع بين عون وفرنجية وأن الأول ما زال غير مستعد لمبادلة الثاني التأييد الذي منحه إياه خلال المرحلة السابقة». وأكد المصدر المواكب لاتفاق الحريري مع فرنجية، أن «مسألة إعلان الأول رسمياً دعمه ترشيح الثاني تنتظر إنضاج الاتصالات الجارية من كل منهما، مع الأخذ في الاعتبار أن إطالة الأمر غير مفيدة والتسرع فيه كذلك. ومن الطبيعي أن يستغرق إنضاج الإعلان أسبوعاً إلى 10 أيام حتى لا يتعرض للانتكاسة أو العرقلة». ورأى المصدر المطلع على تفاصيل ما اتفق عليه القطبان، أنه «لا يجوز التحجج بقانون الانتخاب من أجل تأخير الأمور، لأن الموضوع الأساس هو إنهاء الشغور الرئاسي، ولأن القانون يبحث في اللجنة النيابية المصغرة المكلفة الأمر». ولفت المصدر إلى أن بيان فرنجية بعث برسالة واضحة حول القانون حين قال إنه توافق مع الحريري على «رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة». وكانت لجنة دراسة القانون المؤلفة من ممثلي كل الكتل النيابية عقدت أول اجتماع لها أمس، وقررت إبعاد عملها عن الإعلام. وكان المكتب السياسي لحزب «الكتائب» شدد بعد اجتماعه أمس على «الضمانات الواجب توافرها في شخص الرئيس العتيد لناحية تمسكه بتحييد لبنان وعدم إدخاله في صراع المحاور الإقليمية، وخصوصاً الأزمة السورية، وأن يكون على مسافة وطنية واحدة من مختلف المكونات السياسية ويعمل على بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية». وأكد «مواصلة مشاوراته بما يؤذن بطي صفحة الفراغ الرئاسي». ومساء أعلن مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي ولايتي بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام أنه يأمل، بفضل جهود سلام ومسعاه، ب «أن نشهد تحرير سراح العسكريين المأسورين بيد الإرهابيين، وبشرنا دولته بأن إطلاق سراح هؤلاء قريب، ويحدونا الأمل بأن يتم إطلاق سراحهم هذه الليلة» (أمس). وامتدح ولايتي، الذي زار سلام مساء قادماً من دمشق يرافقه نائب وزير الخارجية الإيراني حسين عبد الأمير اللهيان والسفير الإيراني محمد فتحعلي، «إدارةَ سلام للبلد بحكمته ودرايته». وقال إنه عرض معه «ما تشهده المنطقة من ظروف صعبة وخطيرة وما تشهده الساحة اللبنانية في هذه المرحلة الخاصة، ونأمل بأن نشهد في القريب العاجل اختيار وانتخاب رئيس للجمهورية يكون موضع قبول وموافقة من جميع الأطراف اللبنانيين وكل الشعب اللبناني الشريف».