تعهد حوالى 150 رئيس دولة وحكومة في افتتاح القمة التاريخية حول المناخ في لوبورجيه قرب باريس أمس، ببذل أقصى جهد ممكن للتوصل إلى أول اتفاق ملزم لمكافحة الاحتباس الحراري الذي يهدد البيئة. واعترف الرئيس باراك أوباما بمسؤولية بلاده عن اختلال المناخ وتعهد مكافحة الاحتباس الحراري مع الحفاظ على التطور الاقتصادي. وشكلت القمة فرصة ل»قمم مصغرة» ثنائية أبرزها بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بحثا خلالها في ملفي سورية وأوكرانيا، كما أعلن مسؤول في البيت الأبيض، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي أبلغ نظيره الروسي بأن على الرئيس السوري بشار الأسد ترك السلطة في إطار انتقال سياسي. في المقابل، أعلن الكرملين أن أوباما عبّر لبوتين عن أسفه لإسقاط تركيا الطائرة الروسية، لافتاً إلى أن الرئيسين أبديا تأييدهما للتحرك نحو تسوية سياسية للأزمة السورية. وسُجل «لقاء عابر» بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، كما أفادت وسائل إعلام، مشيرة إلى أنهما تصافحا وتبادلا حديثاً مقتضباً بعد التقاط صورة تذكارية للقادة المشاركين في القمة. والتقى الرئيس الأميركي نظيره الصيني شي جينبينغ وتعهدا العمل معاً على التوصل إلى اتفاق لوقف انبعاثات الكربون المضرة بالبيئة، فيما شدد الرئيس الصيني على أهمية أن تأخذ مفاوضات المناخ في الاعتبار، الفوارق الاقتصادية بين الدول، وأن يُسمح لكل منها بتطوير حلولها الخاصة لمشكلة الاحتباس الحراري. وشكل الحضور العالمي للقمة مصدر ارتياح لفرنسا، خصوصاً وأنه يأتي بعد اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وفي مستهل القمة التي افتتحت بدقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا الاعتداءات، قارن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بين محاربة الإرهاب ومكافحة التغيّر المناخي، وأشار إلى «الحضور غير المسبوق» للقمة و «الرهان غير المسبوق» عليها، للتوصل إلى التزام لصون «مستقبل الأرض والحياة». وإضافة إلى خفض الاحتباس الحراري الذي يشكل أبرز أهداف القمة، ظهر تشديد على ضرورة مساعدة الدول الناشئة في إكمال تطورها، وهو ما يتطلب توفير مبلغ قدره مئة بليون دولار، يفترض أن تقرر القمة من يدفعها ومن يستفيد منها وبأي طريقة. وعُلم أن تعهدات مالية عدة قدمت في هذا الإطار، لكنها لم تتجاوز مبلغ ال70 بليون دولار، ما يستوجب تأمين ال30 بليون المتبقية خلال المؤتمر، الذي تتواصل المفاوضات فيه على صعيد المندوبين والخبراء إلى 11 الشهر الجاري. ولم يتقيد أوباما بالفترة المحددة لمداخلات الرؤساء والتي لا تتجاوز 3 دقائق، وتحدث لمدة 11 دقيقة، أقر خلالها بأن بلاده «مصدر مشكلة» التلوث البيئي والاختلال المناخي، وأكد عزمه على العمل ل «إنقاذ الكرة الأرضية»، داعياً قادة العالم إلى أن يكونوا «في مستوى» الرهان لخفض الاحتباس الحراري. وقال: «لدينا القدرة على تحديد مستقبلنا هنا واليوم»، رافضاً الحجة القائلة إن مكافحة الاحتباس تتنافى مع مقتضيات التطور الاقتصادي، لافتاً إلى أنه بات مؤكداً عدم وجود «تناقض بين النمو القوي وحماية البيئة». وعدد ما حققته الولاياتالمتحدة في مجال حماية البيئة والتزامها بخفض انبعاث الغازات المضرة بالبيئة بنسبة تراوح بين 26 و28 في المئة بحلول العام 2025، ودعا إلى «وضع المصالح القصيرة المدى جانباً والتفكير بالهواء الذي يتنشقه أولادنا». ولوحظ أن أوباما لم يأت على ذكر الطابع الملزم للاتفاق، وهو الأمر الذي ترفضه الغالبية الجمهورية في الكونغرس، كما أنه تفادى الإشارة إلى إمكان التزام بلاده خفض الاحتباس بما بين 1.5 درجة ودرجتين، كما اقترح هولاند. وخلافاً لنظيره الأميركي، التزم بوتين بالدقائق الثلاث المحددة. وأكد عزم بلاده واستعدادها لالتزام خفض الاحتباس الحراري «أكبر التحديات في وجه الإنسانية». وعبر عن موقف متقارب مع هولاند، بدعوته إلى اتفاق «شامل وعادل وملزم» حول المناخ. كما أكد عزم بلاده على تقديم دعم مادي للدول الناشئة.