يستضيف المركز الثقافي الهندي في القاهرة معرضاً فوتوغرافياً تحت عنوان «الهند ومصر بعدسات مصرية» للمصري أشرف طلعت. وافتتح المعرض سفير الهند في القاهرة سانجاي باتاتشاريا والفنان يوسف مرزوق. وأبرز ما يميز أعمال طلعت الفوتوغرافية أنها تحاول الابتعاد قدر الإمكان عن الصور النمطية للأماكن والثقافات والبلدان، إذ أن صورة الهند في أذهان كثيرين ترتبط عادة بالزي التقليدي أو الطقوس والمعتقدات الهندية ذات الطبيعة المميزة. ولكن طلعت يتعامل مع الكاميرا كأداة للبحث والاستقصاء والتعرف إلى جوانب من حياة الناس اليومية، التي قد تكون غير مألوفة لكثيرين. جوانب لم تعهدها الكاميرا من قبل، فهو يمعن في إظهار الأحاسيس والمشاعر من طريق اقتناصه للملامح الإنسانية المعبّرة في لحظات بعينها، تأمل أو سعادة أو وحدة، وربما ألم أو شجن. تجول طلعت في أقاليم الهند المختلفة باحثاً عن تلك المشاهد التي تمثل الروح التقليدية لحياة السكان هناك: عاداتهم، وملامح وجوههم، علامات البهجة في العيون، مرح الأطفال وحكمة الكبار. يبحث عن الإختلاف حتى في تناوله لتلك المعالم الشهيرة، فهو حين يصور لقطة لتاج محل على سبيل المثال وهو أحد المعالم الأثرية الشهيرة في الهند، لا يقوم بتصوير المبنى مباشرة، بل هو يصور انعكاسه على سطح المياه مثلاً، بينما يلهو طفل صغير بالقرب منه. صورة المرأة الهندية المكافحة والتي تحتفظ في الوقت ذاته بجمالها ورشاقتها، تحتل مكانها بين صور الفنان، ويصورها في البيت والشارع والعمل وأثناء ممارسة الطقوس الدينية، بلباسها التقليدي وبساطتها المعهودة. من بين الصور التي التقطها طلعت، ثمة مجموعة تغلب عليها خفة الظل، حين يصور مشهد القردة المنتشرة هناك في الشوارع، القردة في هذا البلد تشارك الناس حياتهم اليومية وتتطلع إلى الكاميرا بمزيج من الترقب والحرص والتحدي أحياناً. سجل بعدسته تلك القردة في أكثر من مشهد، وهي من بين الصور التي تظهر قدرته على اقتناص اللحظة المناسبة، فالصورة الفوتوغرافية تعتمد على اقتناص اللحظة المثالية، لحظة تختصر الكثير وتكثف المشاعر والأفكار. صور الهند سواء تلك التي التقطت في الأحياء الغنية أم في الأحياء الفقيرة، في الشارع أم في البيت، كلها تعكس شغفاً بالبحث والاكتشاف. فالمتأمل في صور طلعت يشعر كما لو أنه زار الهند وتجول في شوارعها وتعرف على أهلها. ويبدو في اللقطات المتعلقة بمصر، أكثر حرصاً على تتبع تلك المشاهد التي لم تعهدها عدسة الكاميرا سابقاً، اذ يُظهر هنا تحدياً لنفسه. فالصور والمشاهد اليومية في مصر تبدو مألوفة له بطبيعة الحال، وما قد يثير انتباهه ربما لا يثير انتباه الآخرين، عليه إذاً البحث عن مسارات جديدة. وينجح في ذلك في مجموعة صوره المتعلقة بمصر، ويبدو حريصاً على إبراز أدق التفاصيل والجوانب غير المألوفة في المشاهد، سواء في صور الناس في الشارع أم في الأسواق، كسوق الجمال على سبيل المثال. المركز الثقافي الهندي والمعروف بمركز مولانا أبو الكلام, هو أحد المراكز الثقافية التي تقدم نشاطات مميزة, ومنها عقد ندوات ومحاضرات ومعارض للفنون وبرامج للعروض السينمائية للأفلام العربية والهندية، ومسابقات فنية للأطفال وورش عمل. كما أن المبنى يحتوى أيضاً مكتبة كبيرة تضم أكثر من عشرة آلاف كتاب باللغات العربية والهندية والإنكليزية وتتيح للزائر فرصة الإطلاع والإستعارة. ويحرص القيمون على هذا المركز على التفاعل مع كثير من الأحداث الجارية على الساحة المصرية. ففي بداية الثورة نظم المركز معرضاً تحت عنوان «روح غاندي في ميدان التحرير» شاركت فيه مجموعة كبيرة من الفنانين المصريين والهنود. وتأسس هذا المركز في بداية تسعينات القرن الماضي، وحمل إسم مولانا أبو الكلام آزاد، وهو زعيم وطني ورجل دولة شارك المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو وغيرهما من الزعماء الهنود في النضال من أجل إستقلال الهند عن الحكم البريطاني. ووضع أبو الكلام آزاد أساساً للسياسات الهندية التعليمية والثقافية المستقلة. كما كانت له مساهمة كبيرة في الدراسات الإسلامية. وانصب اهتمامه على التعايش بين الحضارات والثقافات. وهو مؤسس المجلس الهندي للعلاقات الثقافية من أجل تعزيز العلاقات الثقافية والتفاهم المتبادل بين الهند وغيرها من البلدان.