عرضت القناة السويدية الأولى (أس في تي 1) أخيراً تحقيقاً استقصائياً مصوراً بعنوان «سويديون محتجزون في غزة»، من إنتاج شركة «لايكا» للأفلام والبرامج التلفزيونية ومقرها في العاصمة السويدية استوكهولم. أنجز التحقيق مهند صلاحات وأندرياس روكسين، عن سيناريو لايريك سندباري، بحث وإعداد حنا فريك ولويس لوندمارك وتصوير ستيفان بولهين وغوستاف أوغرستراند وحسين جابر. يتناول التحقيق حكايات حوالى 300 مواطن سويدي من أصول فلسطينية احتجزوا في قطاع غزة إبان الحرب الإسرائيلية صيف 2014، وظهر كيف أن هذا العدوان جاء دموياً بهدف الضغط على الرأي العام وتوجيهه ضد حركة «حماس» التي تسيطر على القطاع. في أيام الحرب الأولى نسقت الأممالمتحدة مع القنصلية السويدية في القدس لإجلاء عدد كبير من المواطنين ممن يحملون الجنسية السويدية، فطلبت منهم التجمع من كل أنحاء القطاع في فندق فلسطين الواقع في قلب مدينة غزة، ومن هناك نقلتهم عبر معبر إيريز الواصل بين القطاع وإسرائيل، ومنه إلى الأردن. الدراما التي تكمن في موضوع هؤلاء المواطنين السويديين أن قسماً من هذه العائلات (المصري– الغول– الجش) لم يتمكن من التجمع في هذا الفندق حين طاول القصف العنيف كل الطرق الواصلة بين خان يونس وغزة، ولأسباب مختلفة احتجز أفراد هذه العائلات في هذه المنطقة المنكوبة. يتتبع التحقيق الاستقصائي مصير هذه العائلات المحاصرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام ويتناول بالانتقاد تنصل القنصلية السويدية في القدس من مسؤوليتها تجاه مواطنيها متذرعة بوجود إنذار صدر عن وزارة الخارجية السويدية قبل تسع سنوات تصنف فيه قطاع غزة بالمنطقة الخطرة التي لا ينصح بزيارتها. يذهب التقرير الاستقصائي المصور الى أبعد من ذلك، حين يتابع قضية حاملي الجنسية السويدية، وكيف أنها لم تشفع لهم عند السلطات المصرية والإسرائيلية، ويثير قضيتهم على أكثر من محور بتصويره معاناتهم المستمرة منذ أكثر من عام. وفيما تمكن بعض هذه العائلات من الخروج عبر معبر رفح من خلال بعض «الوساطات»، تقدمت السفارة السويدية في القاهرة بطلب خجول من السلطات المصرية لتسهيل عبور مواطنيها. سكرتير وزارة الخارجية السويدية باتريك نلسون بدا سلبياً حين قال: «هناك تعليمات واضحة لمواطني السويد بعدم السفر إلى غزة بسبب الوضع الأمني، وأعتقد أن المواطنين العالقين في قطاع غزة خالفوا التعليمات الصادرة عن وزارة الخارجية، والسلطات السويدية لا تستطيع تقديم أي مساعدة لهم أو لغيرهم إن كانوا في وضع مشابه في مناطق سبق وصدر تحذير بالسفر إليها». وأشار الى أنه لا توجد أي قوانين أو تعليمات تنص على وجوب تقديم المساعدة للسويديين إن واجهتهم مشاكل خارج السويد وبخاصة في المناطق التي صدرت تعليمات بعدم السفر إليها. نجح التحقيق الاستقصائي الذي ظهر حيادياً للوهلة الأولى بدفع التلفزيون السويدي الى خلق جو ملائم لمتابعة قضية بقية المحتجزين في قطاع غزة. ورداً على سؤال حول ما إذا كان سلوك الحكومة السويدية طبيعياً، إذ عادة ما تصدر تحذيرات مشابهة عن دول أخرى، يقول مهند صلاحات أحد معدي التحقيق والمشرفين على إنتاجه: «ليس من الطبيعي أن تتصرف الخارجية السويدية تجاه مواطنيها بهذا الشكل، خصوصاً أن هناك مبادرات حكومية تنص على مساعدة «الجهاديين» السويديين الذين يسافرون خارج السويد لأعمال غير سلمية كما هي حالهم اليوم في سورية والعراق، بل إنها تقدم لهم وعوداً بتوفير العمل والمال والسكن مقابل عودتهم، وهذا حدث في مدن سويدية في الوقت الذي تتخلى فيه الحكومة السويدية عن مواطنين مدنيين تابعين لها محتجزين في أوضاع لا تشبه أوضاع «الجهاديين» على الإطلاق، لم يقوموا بأي أعمال مخالفة لقوانين البلاد التي يقيمون فيها ويحملون جنسيتها. وتابع صلاحات متسائلاً: «كون هؤلاء المواطنين يحملون الجنسية السويدية هل هذا يمنع عليهم زيارات عائلاتهم في شكل طبيعي؟».