باتت كرة القدم حديث الصباح والمساء في الجزائر، إذ لا يمر يوم من دون أن تورد الجرائد الجزائرية الرياضية والسياسية معاً أخبار مدرب الفريق الوطني وأشباله. وفي الوقت الذي يتزايد فيه اهتمام الشباب بهذه الرياضة من دون غيرها، فكرت جمعية جزائرية في إنشاء أكثر من 1500 مدرسة كرة قدم عبر الوطن لتعليم الشباب الصغار مبادئ هذه الرياضة وتقنياتها وتنمية المواهب الصغيرة كي تكون «خزان» الفريق الوطني من اللاعبين مستقبلاً. ويقول ياسين مشتي رئيس «الودادية الجزائرية للتضامن الشباني» ان جمعيته فكرت في إنشاء 1541 مدرسة لكرة القدم بعدد البلديات الجزائرية «كي يتمكن شباب الجزائر العميقة من الإفادة منها»، نافياً أن تكون حمى الكرة التي أصابت الجماهير الجزائرية بعد تأهل الخضر إلى المونديال هي محرك هذا المشروع. ويضيف: «إنه مشروع قديم لكن لم يتم الكشف عنه من قبل بسبب عدم توافر الإمكانات المادية اللازمة لتحقيقه، أما اليوم فالأمر يختلف، وقد درسناه من جوانب عدة اجتماعية واقتصادية وحتى صحية». ويعتمد المشروع على خطة لتحسين مستوى رياضة كرة القدم داخل الوطن من خلال تطوير الكفاءات وتنمية المواهب ورعايتها والاستثمار في شباب الغد. وبالنسبة للمتحدث فإن إنشاء مدرسة للكرة في كل بلدية سيسمح بامتصاص البطالة من خلال توظيف مكونين رياضيين ومختصين في علم النفس التربوي وغيرهم من الأشخاص الذين يحتاج هذا النوع من المشاريع إلى خدمتهم. ناهيك بقدرة هذا النوع من المشاريع على إغراء الشباب الصغار واستدراجهم وهم في تلك السن الحرجة. «لقد أصبحت الرياضة اليوم وسيلة فعالة في كثير من دول العالم لمحاربة الآفات الاجتماعية المستشرية، اذ لم يُلجأ إليها من باب الترفيه فقط ولكن لخلق محيط جذاب له من الخصوصيات ما يسمح بتقليص إقبال الشباب على المخدرات مثلاً، ذلك أن الرياضة تمتص طاقات الشباب وتضعهم بطريقة ذكية تحت المراقبة المستمرة كما تشعرهم بالمتعة وتحولهم إلى أشخاص إيجابيين ناهيك بما يمكن هذه المدارس أن تفعله في جانب التكوين واكتشاف المواهب ومرافقتها»، يقول ياسين. وبات المشروع اليوم بين يدي وزارة الشباب والرياضة التي قدمت لها الجمعية بطاقة تقنية عنه وأبدت الأخيرة من خلال مديرية تطوير الرياضة فيها اهتماماً به، فيما يعني المشروع ايضاً وزارتي التضامن والشغل. ولا يحتاج المشروع إلى إمكانات كبيرة، يتابع ياسين، «فمجرد تدخل وزارة الشباب والرياضة يجعل من استغلال دور الشباب المنتشرة عبر كامل التراب الوطني ممكناً وهو ما من شأنه أن يعطي دوراً إضافياً لتلك الدور التي تقوم بنشاطات متنوعة لفائدة الشباب. كما سيسمح التمويل الوزاري بتأمين التأطير الإداري والتقني وفتح فرص عمل جديدة للجامعيين المتخصصين في الجانب الرياضي إضافة إلى تأمين وسائل العمل الأخرى، ناهيك بقدرة الجمعية على تقديم يد المساعدة اذ إنها تجمع 10 آلاف عضو عامل عبر كامل التراب الوطني ولديها كثير من الفاعلين في المجال الرياضي والاجتماعي يستطيعون تقديم دفع للمشروع». ووضعت الجمعية تصوراً لما يمكن أن تقدمه مدارس الكرة للشباب الصغار مثل التدريس الرياضي ابتداء من القواعد الأولى لكرة القدم وتقديم تكوين نظري وتقني إضافة إلى اقتراح ورشات عمل وإعداد روزنامة زمنية خاصة بمدة التكوين. وعن كيفية ترشيح وقبول المتقدمين، يقول ياسين انه «سيتم نشر إعلانات في الصحافة، والاختيار سيكون من المدرسة الابتدائية بالتنسيق مع مديريات التربية ووفق المعايير العالمية المعمول بها. وبعد انتهاء مرحلة التكوين الابتدائية ستنظم بطولات جهوية لاختيار ذوي الكفاءات من أجل انتقالهم إلى المدارس الجهوية لتلقي تكوين أعلى». وتدعو البحبوحة المالية التي تعرفها الجزائر ياسين وزملاءه في «الودادية الجزائرية للتضامن الشباني» إلى الأمل في أن يروا هذا المشروع مجسداً على أرض الواقع، ويراهنون على أن من شأنه أن يخلق ديناميكية إيجابية في أوساط الشباب الصغار وأن ينشئ جيلاً من اللاعبين من داخل الوطن يتمتعون بالمهارة والثقافة الكرويتين معاً. وكما في كل دول العالم، لا يكاد حي في المدن الجزائرية يخلو من مساحة يستعملها الشباب صغاراً وكباراً للعب كرة القدم، وقد استحسنت غالبية الشباب الذين سألتهم «الحياة» عن رأيهم في المشروع، الفكرة بل وذهبوا إلى القول ان المفروض أن تكون وزارة الشباب والرياضة قد حققته منذ زمن طويل. لكن عصام وهو تلميذ في السنة النهائية من المرحلة المتوسطة ويبلغ 15 سنة، يقول انه يمارس كرة اليد ويطلب ان يهتم المسؤولون الجزائريون بهذه الرياضة أيضا «لأنها شرفت الجزائر في المحافل الدولية، وليس هي فقط بل وألعاب القوى والسباحة والكرة الطائرة أيضاً».