استغرقت رحلة منيرة من مقر عملها إلى منزلها 10 أضعاف المدة التي تستغرقها يومياً بسبب موجة الأمطار التي هطلت على جدة أخيراً، فالنصف ساعة التي كانت كفيلة بإيصالها للمنزل، على رغم زحام الشوارع، امتدت يوم المطر، إلى خمس ساعات، اضطرت معها إلى طلب الاستغاثة من سائقي السيارات في شارع الأندلس، بعد أن تعطلت سيارتها، وتوقفت عن السير. وقالت منيرة، وهي موظفة في إحدى منشآت القطاع الخاص ل«الحياة»: «بدأ الثلثاء يوماً عادياً، فالجميع كان موجوداً في مقر الشركة حين أعلنوا انصراف الموظفين، بسبب هطول الأمطار، التي لم تبدأ على رغم أن السماء ملبدة بالغيوم»، مضيفة: «اضطررت إلى الانتظار في مقر الشركة إلى حين وصول سائقي، الذي يستغرق ما يزيد على نصف ساعة. وفي منتصف الطريق بين مقر عملي وسكني، بدأت الأمطار تهطل بغزارة شديدة، وامتلأ الشارع بالمياه التي ارتفع منسوبها بدرجات عالية، ما أفقد السيارة قدرتها على السير، ووجدت نفسي في لحطة أطلب المساعدة ممن كانوا حولي». وتابعت: «انتظاري لم يدم طويلاً، إذ وجدت سيارة تقف أمامي داخلها فتيات أبدين استعدادهن لتوصيلي إلى منزلي. وهنا بدأت المرحلة الثانية من رحلة العودة إلى المنزل التي كانت تتطلب السير ببطء شديد، والابتعاد عن تجمعات المياه الكبيرة. وهذا استغرق خمس ساعات للوصول إلى المنزل». وإذا كانت منيرة احتاجت هذه المدة للوصول إلى منزلها، فإن سجى استغرقت ثلاث ساعات للوصول، ساعدها في ذلك نوع سيارتها «الجيب» المرتفعة عن الأرض. ومنيرة وسجى ليستا الوحيدتين اللتين خاضتا الصراع مع الأمطار أول من أمس، للوصول إلى منازلهن، خصوصاً أن غالبية الشركات لم تمنح موظفيها إجازة، على رغم التحذيرات المسبقة التي أطلقتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. ولكن الشركات منحت الموظفين حق الذهاب إلى منازلهم بعد هطول الأمطار. وفي الوقت الذي اختارت منيرة وسجى التوجه مباشرة إلى منزلهما، قررت مها الذهاب إلى منزل صديقتها، القريب من مقر عملها، بعد أن اضطرت هي وزميلاتها إلى مغادرة مقر عملهن. وقالت مها: «اخترت الذهاب إلى منزل صديقتي القريب من مقر عملي، إذ كانت هنالك صعوبة ومخاطرة في الذهاب إلى منزلي، بعد أن سمعنا أنباءً عن غرق الشوارع المؤدية إليه، وارتفاع منسوب المياه فيها». واتفقت معها رنا في الأمر ذاته، إذ توجهت إلى منزل أقربائها القريب من مقر عملها، بعدما طلبت منهم إدارة المنشأة التي تعمل بها مغادرة مقر العمل. بدوره، قال المتحدث باسم وزارة العمل خالد أبا الخيل ل«الحياة»: «إن الوزارة لا تتدخل في الأنظمة الداخلية لشركات القطاع الخاص، خصوصاً في ما يتعلق بمنح الموظفين إجازة في حال وجود تقلبات جوية، وتغيرات في الطقس». غير أنه استدرك بالقول: «الوزارة تمنع المنشآت من تشغيل العاملين لديها في الظروف السيئة من دون اتخاذ الاحتياطات التي تحافظ على سلامتهم، وتضمن عدم تعرضهم إلى الأخطار، وهناك جهات مختصة أخرى هي التي يمكن أن تتدخل في هذا الأمر».