فوجئ طالب في المرحلة الابتدائية باحتفالية أقامها له معلمه بعد تماثله للشفاء، إثر جراحة أجراها في عينيه، ليذرف الدموع فرحاً بمبادرة معلمه، ومشاركة زملائه الطلاب الذين رحبوا به على طريقتهم الخاصة. وأقام المعلم فلاح حسين الزعبي مائدة إفطار كبيرة، على شرف تلميذه محمد السحوب، الذي يدرس في الصف الأول الابتدائي في مجمع الحسين التعليمي في الأحساء، الذي أجرى جراحة في عينيه بالمستشفى التخصصي للعيون في الظهران، ليفاجأ بأن معلمه أعد مائدة إفطار بمناسبة حضوره معافى. وقال المعلم الزعبي: «كلنا سعداء بأن تمتع الطالب محمد بالصحة والعافية، وعاد إلينا سالماً غانماً، لذا قررت وزملاؤه في الفصل أن نقيم له احتفالاً بهذه المناسبة». وأوضح أن الحفلة أقيمت «لكسر الحاجز النفسي الذي أحيط به الطالب في المستشفى، وانقطاعه فترة طويلة عن المدرسة، ورغبة منا في أن يندمج مرة أخرى مع زملائه، حتى لا يشعر بأنهم سبقوه أو تأخر عنهم. وأيضاً بهدف تقوية روابط الأخوة وزرع القيم الحسنة»، مضيفاً: «حين يشعر الطالب بأننا كنا ننتظره ونفتقده ونسأل عنه، نكون بذلك حببناه في المدرسة والطلاب وزرعنا في داخله المثل الإسلامية العليا». بدوره، قال المعلم في مجمع الحسين التعليمي حسن الحاج أحمد: «إن موقف زميلنا الزعبي أثر فينا جميعاً، وهو رسالة واضحة بأن التعليم بخير، وأن رسالتنا التربوية واضحة، وهدفنا أن نخرج جيلاً واعياً، بعيداً عن العنف والتطرف»، مضيفاً: «إن السعادة التي شاهدناها في عيون الطالب هذا اليوم جعلتنا نعيش يوماً مميزاً جداً، وتأثير الحفلة امتدت للطلاب الآخرين، وأصبح حديث المدرسة». وأوضح أحمد أن «الطالب متى ما وجد البيئة التي تحتويه وتحترمه وتقدره، وتتعامل معه على أنه أساس المنظومة التعليمية وأن له كيانه ووجوده وأنه ليس هامشياً، نحقق الهدف المنشود من التربية والتعليم، ولا أعتقد أن الطالب سينسى هذا اليوم الذي حتماً سيسجله في مخيلته وسيدفعه للتطور والنجاح». ويأتي هذا الموقف الإنساني من المعلم وسط أعداد كبيرة من التجاوزات التي يقوم بها معلمون ضد طلابهم، كان من بينها ضرب طالب يتيم في إحدى مدارس مكة، وإجباره على شم سلة القمامة. ومعلم آخر ضرب طلاباً وعذبهم في إحدى مدارس وادي الدواسر، وأحداث أخرى حولت المعلم إلى «جلاد» والطلاب «ضحايا»، من دون مراعاة الأنظمة التي تمنع ذلك وتعاقب عليه، أو العمر أو المرحلة الدراسية. وتتنوع طرق الإيذاء التي يمارسها معلمون ووثقتها كاميرات الجوالات، وأصبحت مادة متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، بين الضرب باليد أو الاستعانة بمواد أخرى مثل العصي والعقال والأسلاك، إلى جانب الإيذاء النفسي، ولم تردع توسلات طلاب بالعفو عنهم، لتعود حقبة «لكم اللحم ولنا العظام». ولا تزال عقدة الضرب في المدارس تلاحق الكثيرين، حتى بعد تخرجهم منها.