تحيط بالإنسان ملايين المخلوقات التي تؤدي مهاماً خاصة من شأنها الحفاظ على توازن النظام البيئي. وقد يتساءل كثيرون عن أهمية القطط في النظام البيئي، إذ أنها ليست مصدراً للغذاء ولا يستخرج منها مصل أو دواء، وجلودها غير نافعة، ولا تساعد المزارعين في أعمال الحقول أو التنقل. وقال أستاذ الطب البيطري في جامعة «بوردو» الأميركية ومدير مركز «بوند للإنسان والحيوان» آلان بيك، إن «القطط مهمة جداً بالنسبة للانسان. إذ إنها تقتل الفئران والجرذان التي تشكل خطراً على مناطق تخزين الطعام والحبوب الموجودة في الحظائر»، وتابع: «البشر يطعمون القطط، لكن من دون القطط، فإن البشر لن يستطيعوا الحصول على طعام كاف لهم». وأضاف بيك: «ستزيد أعداد القوارض إذا اختفت القطط فجأة، ويمكن أن نتكلم عن صورة حية من صور اختفاء القطط من بعض الاماكن في اوقات سابقة، ففي عام 1997 كان متوسط عدد القطط النافقة في كل منزل في بريطانيا أكثر من 11 قطاً خلال ستة أشهر، وهذا يعني أن 9 ملايين قطة تم القضاء عليها خلال عام في بريطانيا». ولفت إلى أن دراسة اخرى في نيوزيلاندا اجريت عام 1979 أكدت أنه تم القضاء تقريباً على كل القطط الموجودة في إحدى الجزر الصغيرة، وكانت النتيجة زيادة أعداد الفئران بمعدل «أربع اضعاف». وأكد الاستاذ البيطري أن «زيادة أعداد القوارض بصورة كبيرة يؤدي إلى سلسلة من الاثار البيئية الأخرى»، مشيراً إلى الجزيرة حيث لاحظ علماء البيئة أن زيادة عدد الفئران في غياب القطط أثر على الطيور البحرية التي تضع بيضها على الجزيرة، بعدما إفترست الفئران بيض الطيور ما أثر على المدى الطويل على اعداد الطيور البحرية في العالم. ورأى بيك أنه «إذا تم اختفاء ما يقرب من 220 مليون قط من القطط المنزلية في انحاء العالم، فإن ذلك يعني انقراض الطيور البحرية من العالم كله، في مقابل ذلك ستزيد الحيوانات المفترسة الأخرى التي تتغذى على الفئران "، ولفت إلى أن هذا يمكن أن يؤدي إلى «كوارث رهيبة بالنسبة للبشر». وفي جزيرة أخرى في أستراليا، توجهت السلطات عام 1968 للقضاء على الأرانب من خلال فيروس مميت بسبب إضرار الارانب بالحشائش والتربه، وبالفعل نجحت الخطة في تقليل تعداد الأرانب من قرابة 100 ألف إلى 20 ألفاً فقط. إلا أن تلك الخطة، قللت الموارد الغذائية للقطط، إذ بدأت بالتغذي بشكل رئيسي على الطيور البحرية الأصيلة في الجزيرة، ولمواجهة تلك العواقب بدأت السلطات بعملية إبادة لكل القطط في الجزيرة، حيث قتلت آخر قطة هناك عام 2000. وبعد مرور 9 أعوام على مقتل آخر قطة في الجزيرة، أوضحت دراسة علمية أجراها باحثون أستراليون، أن إبادة القطط «زعزعت النظام البيئي للجزيرة بشدة»، وزادت أعداد الأرانب بسرعة فائقة بعد إبادة مفترسها الرئيسي، لتدمر مساحات ضخمة من الحشائش، وتقلص الغطاء الأخضر والكائنات التي تعتمد عليه، وكلفت السلطات ملايين الدولارات في محاولة لتدارك الأزمة. ومن جهة أخرى، يقدر العلماء أن قطط العالم تتغذى سنوياً على ما يقرب من 20 بليون ثديي صغير.