قد يعتقد كثير من الناس أن مجموعة القرصنة الإلكترونية «أنونيموس»، المشهورة عالمياً برسائلها التهديدية التي يقرأها عادة شخص يرتدي قناعاً، هي الجماعة ذات الأثر الأكبر في الحرب الإلكترونية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). إذ أعلنت الخميس الماضي عن نجاحها في اختراق نحو خمسة آلاف حساب تابع للتنظيم المتطرف على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في غضون ساعات، على خلفية سلسلة الاعتداءات التي شهدتها باريس يوم الجمعة الماضي، وأوقعت 129 قتيلاً على الأقل. لكن الصحافي الأميركي جاك سميث نشر مقالاً على موقع «مايك» الإخباري، أفاد فيه أن «الضرر الإلكتروني الأكبر على داعش لا تسببه أنونيموس، بل تحدثه جماعة تسمى «غوست سِكيوريتي غروب» الإلكترونية التي انشقت عن المجموعة المقنعة الشهيرة، وتعمل بالتعاون مع مؤسسات حكومية أميركية». وبدأت جماعة «غوست سِكيوريتي غروب» الصغيرة المكونة من أشخاص محترفين في القرصنة الإلكترونية، حملتها ضد «داعش» منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد الهجوم المتطرف على مقر مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة في باريس. والفرق بين الجماعتين يكمن في أن «غوست سِكيوريتي غروب» لا تسعى إلى إغلاق حسابات عناصر «الدولة الإسلامية» على مواقع التواصل الإجتماعي مثل ما تفعل «أنونيموس»، بل تركز على التعرف إليها ومراقبتها بحذر حتى تتكمن من جمع معلومات قيمة قد تساعد في معرفة تفاصيل الهجمات التي ينوي التنظيم المتطرف القيام بها. وأوضح سميث أن تنظيماً مرتبطاً ب«غوست سِكيوريتي غروب» يدعى «CtrlSec»، يقوم بمراقبة نشاط «داعش» على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، ثم يرسل قائمة بالحسابات التي تعود لعناصر التنظيم الإرهابي أو تسانده إلى إدارة «تويتر» لتحظرها. وقالت «غوست سِكيوريتي غروب» إن عمليات «CtrlSec» مسؤولة عن حظر أكثر من 110 ألف حساب «تويتر» تابع للتنظيم المتطرف. ويستهدف الفريق الأساسي لجماعة «غوست سِكيوريتي غروب» المواقع والمنتديات الالكترونية التابعة ل«داعش»، إلا أن الهدف «ليس دائماً حجب الموقع من على الإنترنت، بل البحث عن معلومات قيمة بين ما ينشره الأشخاص على هذه المواقع». ويتم في بعض الأحيان زرع «مُخبرين» في هذه المواقع لاستخراج معلومات مفيدة يتم إرسالها لاحقاً، عبر وسيط، إلى «مكتب التحقيقات الفيديرالي» (إف بي آي) ومؤسسات حكومية أميركية أخرى. ونقلت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) عن رئيس «غوست سِكيوريتي غروب» الذي طلب عدم ذكر اسمه، قوله ان نشاط «أنونيموس» الذي ينحصر في إغلاق حسابات «داعش» على مواقع التواصل، قد يضر أكثر مما ينفع، لأن هذه الحسابات قد تحتوي على معلومات قيمة بالنسبة إلى السلطات. وذكر أن جماعته توظف «شبكة واسعة» من المختصين الذين يعرفون اللغة العربية، والمدربين على تمييز الحسابات المرتبطة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، بينما «يصعب (على المجموعات الأخرى) التمييز بين موقع متطرف وآخر إسلامي طبيعي». وزعمت الجماعة أن جهودها أدت بالفعل إلى وقف هجوم كانت الجماعة تنوي شنه في جزيرة جربة التونسية، بعد اعتدائها على فندق بولاية سوسة على الساحل الشرقي التونسي في حزيران (يونيو) الماضي. وفي ما يتعلق بانفصال «غوست سِكيوريتي غروب» عن «أنونيموس»، قال رئيس الجماعة: «أردنا التنحي جانباً عن نزاع أنونيموس مع السلطات، فنحن لا نستطيع فعل الكثير بالمعلومات التي نحصل عليها إلا إذا عملنا مع الحكومة الأميركية القادرة على محاربة التنظيم في أرض الواقع». وأشارت «بي بي سي» إلى أن السلطات الأميركية، ومنها «إف بي آي» لم تنف أو تؤكد علاقتها بالجماعة. في المقابل، اتهم أحد أعضاء «أنونيموس» جماعة «غوست سِكيوريتي غروب» بالتقرب المبالغ فيه من السلطات والمبالغة في حجم إنجازاتها. ورفضت «أنونيموس» الانتقادات الموجهة إلى أساليبها في الحرب على «داعش»، موضحة أن «إغلاق حسابات التنظيم المتطرف يمنعه من تجنيد الشباب الذين لا يجدون مكاناً ينتمون إليه والأشخاص ذوي العقلية المريضة».