جانب الكرى جفني المعتمرة الباكستانية زليخة بتياني عشية وصولها إلى مكةالمكرمة في معية زوجها محمد نور ولي لأداء فريضة العمرة، فبدأت تمشط جنبات الحجرة المخصصة لهما في أحد فنادق العاصمة المقدسة ذهاباً وإيابا،ً حتى شنف أسماعها ارتفاع صوت أذان الفجر لتوقظ زوجها من سباته، وينطلقا بخطى متسارعة صوب المسجد الحرام، لأداء الصلاة والطواف بالبيت العتيق، قبل أن يلتحقا في جولات سياحية على بقايا الآثار الإسلامية. تقول زليخة: «دبت الرهبة في نفوسنا عند دخولنا مكةالمكرمة، واستمرت كلما وقفنا على طلل إسلامي أو أثر تاريخي، لكن الرهبة كل الرهبة تتجلى في رؤية الكعبة المشرفة لأول وهلة». وكحال الزوجين الباكستانيين اكتنفت السعادة نفسها الزوجين الماليزيين عبدالحكيم سورابا وعقيلته فاطمة، فيصف المعتمر عبدالحكيم مشاعره فور دخوله مكةالمكرمة ويقول «كانت لحظات غريبة، شعرت خلالها بشعور لم أشعر به من قبل، ولا أستطيع وصفه سوى أنه كان مزيجاً من السعادة الجمة والرهبة الكبيرة، واستحضرت وزوجتي تاريخ مكة، ومررت في غمضة عين بالعصور والأزمان كافة. إنه شعور رائع لن أنساه أبداً». لكن المعتمر سورابا استغرب خلو مكة من الوكالات السياحية المختصة في السياحة الدينية، وقال: «اكتفينا بجهود فردية لأشخاص تقاضوا المال منا، المواقع التاريخية الإسلامية في حاجة إلى اهتمام أكبر، وكم أتمنى أن تفتح الأبواب على مصراعيها أمام القطاع الخاص لتلقى تلك المواقع عناية أكبر وخدمة أفضل». وكعادتها تحولت مكةالمكرمة إلى خلية نحل لا تهدأ هذه الأيام فأفواج المعتمرين تجوب شعابها ووديانها، وتعرج على جل آثارها الإسلامية وأسواقها الشعبية ومجمعاتها التجارية، ما انعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي في العاصمة المقدسة التي يتهافت زوارها إلى اصطحاب ذكريات مكية كشاهد على رحلة العمر أو كهدايا للأهل والأحباب. التاجر أيمن المدني من تجار المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام أكد أن موسم العمرة يشكل فرصة ذهبية للمستثمرين في الأنشطة التجارية، بعد الركود الذي أصاب تلك المحال بعد انقضاء موسم الحج الماضي، موضحاً أن دخل تلك المحال يقارب 50 ألف ريال يومياً، مع توقع تنامي ذلك الدخل في مقبل الأيام بعد اكتمال وصول أفواج المعتمرين. وأضاف «تتنوع الهدايا التي يصطحبها المعتمرون معهم، فالخليجيون مثلاً يحرصون على شراء المشغولات والمصوغات الذهبية، بينما يحرص المصريون على المسابح والسجاجيد، في حين يصطحب السودانيون الملبوسات الجاهزة وصور الحرمين والسجاد، بينما يفضل الآسيويون شراء المسابح وتذكارات ومجسمات الحرمين الشريفين». وتوقع اقتصاديون أن يضخ المعتمرون أكثر من بليون ونصف البليون دولار أميركي داخل اقتصاد مكةالمكرمة، مع توقعات بتنامي هذا المبلغ، كون موسم العمرة يمثل فرصةً ذهبيةً لأهلها، فبعضهم يستثمر العقارات التابعة لهم بتأجيرها لأفواج المعتمرين، في حين تحول آخرون إلى مرشدين سياحيين لزوار البيت العتيق داخل أطهر البقاع، فيما فضلت قلة استغلال سياراتهم الخاصة لنقل المعتمرين بمبالغ مالية ترتفع كثيراً في هذا الموسم.