ينقل الكاتب محمد الفريح، في كتابه «فن إدارة المواقف» خلاصة تجارب الإنسان في مجال تطوير الذات. وفكرته هي تقديم عمل مبسط يمكن للقراء على اختلاف ثقافاتهم ومواقعهم المهنية الاستفادة من حكمه، والاستمتاع بطرافة قصصه وأخباره، من دون الدخول في متاهة المصطلحات المعقدة والعبارات المتخصصة غير المفهومة، التي تزخر بها بعض كتب تنمية الشخصية، والتي تربك القارئ العادي وتعيق فهمه لمحتوى الكتاب. ويلخص المؤلف في مقدمته الهدف من وراء كتابه بقول المصطفى (صلى الله علية وسلم): «الحكمة ضالة المؤمن، حيث وجدها فهو أحق بها»، وما من حكمة أبلغ وأصدق من التجربة الواقعية الحية التي اختبرها أبناء الأمم السابقة والمعاصرة، وتلك المستخلصة من التراث القصصي لشعوب الأرض والتي تشكل وعاء العصارة المعرفية التي تفيد القارئ في كل مكان وزمان. ومما يلفت الانتباه أن المؤلف لم يخف تأثره بعدد من كبار الكتاب العالميين من أمثال دومينيك لوروا صاحبة كتاب «فن البساطة»، وآنيت موزار ويلمان مؤلف «وجوه العبقرية الخمسة»، وم.ج.ريان مؤلفة كتاب قوة الصبر، معلناً أن أرفع قصص الحكمة شأناً هي تلك المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. تأتي فصول الكتاب، الصادر عن مكتبة العبيكان، قصيرة ذات محتوى شيق يشد القارئ ويمتعه، وتخلص به في نهاية كل منها إلى حكمة أوردها المؤلف. وتتنوع مادة الكتاب بشكل لافت، فهناك قصص تجارب السلف الصالح، وخبرات وكالات الفضاء العالمية، والتقاليد والأعراف الشائعة لدى الشعوب والمؤسسات، وحكايات واقعية عن تجارب مميزة رواها من عاشوها، وتجارب كبار المديرين ورجال الأعمال، ومفاجآت في النبوغ والذكاء لدى طلاب صغار أذهلوا بها معلميهم، وغيرها... يرى محمد الفريح وهو صاحب خبرة واسعة في طبائع المتلقي وهمومه أن الخطاب المشجع المباشر والصريح، أقرب السبل إلى قلوب وعقول الناس، وهذا لن يكتمل إلا بإعطاء النصيحة لمسة واقعية صادقة تقتبس من حيوات وتجارب الآخرين، من نجاحاتهم وإخفاقاتهم وأحلامهم، وهذا ما دفعه إلى اختيار خطاب كتابه على شكل القصة- الحكمة التي تنغرس في الوعي، ولا تزول منه بسهولة.