شن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف هجوماً قاسياً على حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وحذر من «آثار سلبية جداً» ستتمخض عن إصرار الحلف على إجراء مناورات عسكرية في جورجيا. تزامن ذلك مع تصعيد آخر في علاقات الطرفين مع طرد ديبلوماسيين روسيين من مقر الحلف في بروكسيل بعد اتهامهما بممارسة نشاط تجسسي. وتحولت المناورات التي يصر الحلف على إجرائها في الأراضي الجورجية إلى سبب جديد لمزيد من التدهور في العلاقة مع روسيا، ما بدا واضحاً من حديث ممثل روسيا الدائم لدى الحلف ديمتري روغوزين أمس، عندما أشار إلى ان «خطوات الحلف ستؤدي إلى دخول العلاقات بيننا مرحلة جديدة، سيكون لها طابع السلام البارد بدلاً من الحرب الباردة». وقال روغوزين إن «ادعاءات الحلف بأن مناوراته العسكرية في جورجيا لا تشكل تهديداً للأمن في المنطقة وإنها تحمل طابعاً سلمياً، هي ادعاءات مرفوضة من قبل روسيا». وحمل الرئيس الروسي بقوة على «الأطلسي»، معتبراً أنه يتعمد تصعيد الموقف. وحذر من «عواقب سلبية للغاية ستتحمل مسؤوليتها الجهات التي اتخذت قراراً بإجراء المناورات وأصرت عليها». ووصف ميدفيديف المناورات المقررة من السادس من أيار (مايو) الجاري ولغاية مطلع حزيران (يونيو) المقبل، بأنها «استفزاز سافر» ستكون له آثار سلبية. وكان ميدفيديف يتحدث أمس، خلال توقيع اتفاقية حدودية تعزز سيطرة موسكو على جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللتين انفصلتا عن جورجيا. وذكر بالحرب في القوقاز الصيف الماضي، مشيراً إلى انه «لا يجوز إقامة مناورات في مكان شهد حرباً منذ فترة قصيرة». واتخذ التوتر بين روسيا و «الأطلسي» على خلفية المناورات، مساراً تصاعدياً أكثر حدة مع إعلان الحلف عن طرد ديبلوماسيين روسيين يعملان في ممثلية روسيا لدى «الأطلسي» في بروكسيل. وكانت معلومات ترددت حول الاشتباه بنشاط تجسسي يقوم به الديبلوماسيان الروسيان، ولفت مصدر في بروكسيل إلى أن طردهما جاء بعد معطيات تم الكشف عنها في أعقاب اعتقال موظف إستوني بارز كان يرسل معلومات سرية عن الحلف الى موسكو. واللافت أن قرار طرد الديبلوماسيين اتخذ الأربعاء، عندما كان الطرفان يهمان بإستئناف الحوار الرسمي في إطار مجلس روسيا - الأطلسي. وردت موسكو أمس،على التطور بالتلميح إلى «خطوات سيتم اتخاذها»، وأصدرت الخارجية الروسية بياناً قاسي اللهجة حمل «الأطلسي» المسؤولية عن تردي العلاقات، وأشار إلى ما وصفها بأنها «عملية استفزازية مفضوحة قائمة على حجج مختلقة، وتتناقض كلياً مع تأكيدات قيادة الحلف حرصها على تطبيع العلاقات مع روسيا». ودعا البيان بلدان الحلف إلى «التفكير بعواقب هذه الخطوات التي تتخذها أطراف معينة تسعى إلى تخريب العلاقة مع موسكو وإحباط فرص التقارب». وأوضح بيان الخارجية الروسية أن موسكو «تدرس الوضع المتعلق بطرد الديبلوماسيين وستقرر قريباً كيف سترد على خطوة الأطلسي». مناورات مضادة إلى ذلك بدأت موسكو التحضير مع حلفائها في منطقة آسيا الوسطى لمناورات عسكرية ستجري في كازاخستان العام المقبل. ووصف مراقبون روس أمس، الاتفاق الذي تم التوصل إليه في هذا الشأن خلال اجتماع وزراء دفاع البلدان أعضاء المنظمة أول من أمس، بأنه «الرد العملي على مناورات الأطلسي في جورجيا». وكان الوزراء اتفقوا على إجراء مناورات عسكرية مشتركة لبلدانهم (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان) سيتم خلالها التدرب على القيام بمهام مختلفة. وأشار وزير الدفاع الروسي اناتولي سيرديوكوف إلى «تدريبات على مكافحة الإرهاب»، في حين تحدث رئيس أركان كازاخستان مختار التينبايف، عن مناورات قتالية واسعة النطاق وسط الجبال. ولم تستبعد مصادر روسية أن تتضمن فعاليات المناورات القادمة ما يماثل مواجهات بين القوات الروسية والجورجية في القوقاز. وسارت منظمة «شانغهاي» عدة خطوات لتأسيس قوات مشتركة ستكون ذراعاً عسكرية لها. ويرى خبراء روس أن المنظمة تسعى إلى مواجهة مد نفوذ «الأطلسي» في الفضاء السوفياتي السابق .