أحيا اكراد العراق والشعوب الفارسية، عيد نوروز، في مظاهر فرح عارمة غطت مناطق اقليم كردستان، حيث انتشرت آلاف العائلات في المروج والسهول وعلت اصوات الطبل والمزمار في مختلف الارجاء، فيما امتلأت الفنادق والشقق المعدة للايجار الى حدها الاقصى بعد أن شهدت اقبالاً كثيفاً من عائلات قدمت من المحافظات الاخرى. وشهدت شوارع ومدن الاقليم إزدحاماً في حركة السير منذ ساعات الصباح الاولى. وعند الظهيرة كانت المساحات الخضراء مكتظة بالمحتفلين الذين ارتدوا الملابس التقليدية ذات الالوان المزركشة، وشكلت الدبكات الفلكلورية التي احاطت بعازفي الطبل والمزمار وسط اهازيج الفرح والزغاريد، ودوي اصوات المطربين المعروفين كحسن زيرك وشمال صائب وطاهر توفيق. وتلونت مائدات نوروز بمختلف اصناف الاطعمة والاكلات الشعبية المعروفة بدءاً من الدولمة (الملفوف) والبرياني والكباب واللحم المشوي والثريد. في نوروز، هنالك تقليد يعتبر شعاراً للمناسبة ورمزها يحرص كل مواطن كردي على احيائه في هذا اليوم، اشعال النار، فعائلات تبدأ احتفالها بشعلة نار كبيرة وغيرها تختم احتفالها به، اذ يتجمع افراد العائلة او المحتفلون في منطقة معينة ويجمعون الاغصان والفحم لاشعال شعلة عالية. الفنادق والشقق المعدة للايجار في محافظات اربيل، والسليمانية ودهوك شهدت اقبالاً واسعاً من النزلاء العراقيين القادمين من المحافظات الاخرى حيث ارتفعت الأسعار. وتجمع كبار المسؤولين في رئاسة اقليم كردستان والبرلمان وممثلو البعثات الديبلوماسية ليلة السبت الماضي في حدائق شاندر في اربيل لاشعال شعلة نوروز. والقيت كلمات بالعربية والكردية والانكليزية احتفاء بالمناسبة فيما شارك عدد غفير من المواطنين والرعايا الاجانب في الاحتفال الرسمي وزينت الالعاب النارية سماء عاصمة الاقليم. الى ذلك تبادل رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التهاني، مؤكدين جميعاً ضرورة المحافظة على مسيرة البناء والديموقراطية في كل ربوع العراق. من جهتها، دعت مديرية السفر والسياحة في اقليم كردستان، بناء على توجيهات رئيس الاقليم مسعود بارزاني المواطنين جميعاًَ الى المحافظة على نظافة البيئة والمناطق الخضراء والاستمتاع بعيد، في اشارة الى ما تخلفه النزهات والاحتفالات سنوياً من كميات كبيرة من النفايات. السلطات الامنية إجراءات محكمة وانتشر الآلاف من عناصر الشرطة والامن لحماية المحتفلين وبيوت المواطنين التي تكون معظمها خالية من ساكنيها في هذا اليوم. وتعود حكاية نوروز الى اكثر من الفين وسبعمئة عام، وهي تتحدث عن طاغية مرعب في بلاد فارس، كان يحكم شعبه بقساوة وظلم فبلغ وضع الشعب مبلغاً مأسوياً استحال معه العيش، وحدث أن اصيب الطاغية بدملتين على منكبيه على شكل ثعبانين وعندما جمع اطباءه وحاشيته لإزالة الدملتين اشاروا عليه بأن العلاج يكمن في أكل دماغي شابين كل يوم، فأمر بقتل شابين وجلب دماغيهما كل يوم، بيد ان طباخيه كانوا يكتفون بقتل شاب واحد ويطلقون سراح الثاني سراً، ومع مرور الايام تشكلت قوة من الشباب الذين تم اطلاقهم واتخذوا الجبال قواعد ثم هاجموا قصر الملك وتمكنوا منه على يد أحدهم وكان حداداً يدعى كاوا وأشعلوا نيراناً ضخمة دلالة على النصر، ومنذاك اليوم باتت الذكرى تعتبر رأس السنة الفارسية وسميت نوروز.