روما - أ ف ب - أعرب البابا بنديكتوس السادس عشر في رسالة موجهة إلى كاثوليك إرلندا أمس عن مشاعر «العار والندم» للاعتداءات الجنسية التي تعرض لها أطفال، مؤكداً حصول «أخطاء جسيمة» ارتكبها أساقفة إرلنديون ودعا إلى محاكمة مرتكبي الاعتداءات. وقال البابا في الرسالة التي وقعها أول من أمس: «لقد عانيتم كثيراً وأنا آسف بحق». ودعا إلى محاسبة الكهنة ورجال الدين المتهمين بارتكاب تلك الاعتداءات «أمام محاكم تشكّل بصورة مناسبة». وأضاف مخاطباً مرتكبي الاعتداءات: «اقروا بذنبكم علناً، واخضعوا أنفسكم لمطالب العدالة، ولكن لا تقنطوا من رحمة الله». وأعلن البابا عن إرسال بعثة إلى المناطق الإرلندية التي تعرضت لفضائح اعتداءات جنسية لمساعدة «الكنيسة المحلية في عملية التجديد»، معرباً عن استعداده للقاء ضحايا الاعتداءات مرة أخرى. وتوجه البابا إلى الأساقفة الإرلندنيين قائلاً: «لقد فشلتم انتم ومن سبقكم، وفي بعض الأحيان كان فشلكم خطيراً، في تطبيق قانون لجرائم الاعتداء على الأطفال». وزاد: «وفي مناسبات كثيرة منذ انتخابي لمنصبي الحالي، التقيت بضحايا اعتداءات جنسية وأنا مستعد للقيام بذلك مجدداً في المستقبل». وهزت ثلاثة تحقيقات قضائية إرلندا التي يتبع غالبية سكانها المذهب الكاثوليكي خلال السنوات الخمس الماضية كشفت عن إساءة معاملة واعتداءات وأعمال وحشية بحق أطفال، قام بها رجال دين وتسترت عليهم سلطات الكنيسة. وأثيرت هذه الفضائح وأدلة على تستر الكنيسة عليها العام الماضي. ومنذ ذلك الوقت تكشف مزيد من فضائح الاعتداءات الجنسية في ألمانيا والنمسا وهولندا وسويسرا. وقالت جماعة «اون أن فور» الإرلندية لحقوق الضحايا أول من أمس إن على البابا تقديم اعتذار لضحايا الاعتداءات الجنسية في إرلندا والاعتراف بأن الكنيسة الكاثوليكية أساءت استخدام سلطاتها وتسترت عمداً على أفعال كهنة اعتدوا على أطفال. وتريد الجماعة من البابا أن يقول «بوضوح وفي شكل لا لبس فيه» إن الكنيسة «على أعلى مستوياتها» كانت على علم دائم بالاعتداءات الجنسية على الأطفال. ومنذ فضائح الاعتداء الجنسي على أطفال سنوات الالفين في صلب الكنيسة الأميركية، لم ينفك البابا يندد بهذه «الجرائم الشنيعة» وعمل على انسياب المعلومات في هذا الشأن ضمن تراتبية سلطات الكنيسة مع تسوية معظمها داخلها. ويقول ماركو بوليتي، المحلل الخبير في شؤون الفاتيكان في الصحيفة الايطالية اليسارية «ايل فاتو كوتيديانو»، انه «خلال السنوات ال 15 الماضية، حصل نوع من الثورة الكبيرة داخل الكنيسة». وأوضح: «لعقود كانت الكنيسة تخفي الأمر لأن هدفها الرئيس كان الدفاع عن مقام المؤسسة. اليوم، البابا بنفسه يشجع على فضحها». وقال جون الين من «ناشونال كاثوليك ريبورتر» إن «بنديكتوس السادس عشر انكب على الملف حال توليه منصبه من خلال سحب الأب ماسييل (متهم بارتكاب اعتداءات جنسية لكن ملفه ظل مهملاً لسنوات في الفاتيكان)، كما التقى ضحايا الاعتداءات في الولاياتالمتحدة واستراليا». وأشار الين إلى أن فضائح الكهنة المتورطين بدأت تظهر في نهاية رئاسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي توفي في 2005، «لكن بنديكتوس السادس عشر هو بابا الأزمة: فهو أول من فرض الانضباط. ويمكن انتقاده للطريقة التي يحكم بها الكنيسة، لكن في شأن الاستغلال الجنسي فإنه أمسك تماماً بزمام المبادرة». ولفت بوليتي إلى أن «الرسالة الموجهة الى الإرلنديين هي أول وثيقة رسمية من حبر أعظم في شأن ظاهرة الاعتداء الجنسي على أطفال في المجتمع المعاصر»، إلا أنه حذّر من أن «صدقية الوثيقة لا يمكن ضمانها من دون فتح تحقيق داخل الأبرشيات للكشف عن وجود ضحايا آخرين محتملين لم يتم الاستماع اليهم».