«لا ننام جيداً منذ أربع سنوات لنحقق تنظيماً رائعاً»... هذا ما أدلى به أخيراً رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، قبل نحو ثلاثة أشهر من انطلاق نهائيات كأس العالم 2010 لكرة القدم (الافتتاح في 11 حزيران (يونيو). في المقابل، أكدّ رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر أنه واثق تماماً من الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجنوب أفريقية من أجل ضمان أمن المنتخبات والمشجعين وسلامتهم في المونديال. وقال بلاتر في مؤتمر صحافي من مقر ال «فيفا» في زوريخ نقل مباشرة عبر الإنترنت في اختتام ندوة شارك فيها مسؤولون أمنيون من 29 من البلدان ال 32 المتأهلة منتخباتها إلى المونديال، «بالطبع نحن واثقون جداً وإلا لم نكن لنتخذ قرار منح استضافة كأس العالم إلى جنوب أفريقيا». وبالمناسبة، قدّم قائد الشرطة في جنوب أفريقيا بيكوكواكي سيلي شرحاً تفصيلياً عن الإجراءات الأمنية. علماً، بأنه وكما في كل المونديالات تحظى شرطة البلد المضيف بمساعدة ضباط أمنيين من البلدان المشاركة من أجل ضبط أنصار هذه المنتخبات. وأوضح سيلي أن جنوب أفريقيا أعدت 188 ألف رجل أمن سينتشر 44 ألفاً منهم في الملاعب. وسيتوزع الباقون في أنحاء البلاد لأن حركة المشجعين لن تقتصر على أماكن إقامة المباريات فقط. «نار تحت الرماد»؟ هذه الصورة «المشجعة والزاهية» التي يختصرها «الرئيسان» زوما وبلاتر تحديداً، لا تخفي مشكلات كثيرة تعاني منها اللجنة المنظمة منذ أن تولت مهامها ومضت في تنفيذ بنود ملف الترشّح. ولعل «الضوء الساطع» في هذا الجانب المتشعّب تبقى جاهزية الملاعب. وتبذل قطاعات الدولة المختلفة قصاراها، لكن المسألة الأمنية لا تزال تقض المضاجع، فضلاً عن أزمات السير والنقل العام. لقد شيّدت خمسة ملاعب جديدية وأهلت خمسة أخرى. وتمّ تخطي الموازنة المخصصة لهذه الورشة البالغة 1.2 بليون يورو، بنحو 400 مليون يورو. وباستثناء ملعبي نيلسبروت وسوكر سيتي إذ ستجرى المباراة النهائية في 11 تموز(يوليو)، أجريت مباراة واحدة على الأقل في الملاعب الأخرى. كما أبدى الاتحاد الدولي ارتياحه للأعمال المنفذة وسير الأمور في ضوء استخدام هذه المرافق خلال كأس العالم للقارات (14 – 28 يونيو 2009). وأوصى بترقيم مقاعد والحدّ أو حتى منع أبواق «فوفوزيلاس» المزعجة التي تصمّ الآذان والتي يستخدمها أنصار المنتخب المضيف. ومجدداً تطرح تساؤلات عن كيفية صيانة هذه الملاعب وتوفير موازنات لها بعد المونديال. ولعل التنمية في مرافق عدة التي تكسبها البلدان الأفريقية التي تتصدى لتنظيم كأس الأمم القارية، تنسحب على جنوب أفريقيا من ناحية تطوير قطاع النقل الحضري عموماً بفضل المونديال، لترسي نظاماً حديثاً كان يتطلّب تنفيذه عقوداً. علماً بأن بوادر مراحله تنبئ بعدم اكتمالها في الوقت المحدد. فبين جوهانسبورغ وبريتوريا، لا يعمل خط القطار إلا بنسبة 25 في المئة من طول مساره المقرر أن يكتمل في منتصف يونيو المقبل. وشبكة باصات النقل العام في مدينة كايب تاون البالغة كلفتها 320 مليون يورو، لن تؤمّن الخدمة بكامل طاقتها إلا في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وفي دوربان، تسيّر باصات قليلة ضمن الشبكة المستحدثة. وبالتالي ستكون رحلات الطيران هي الحلّ الأنجع خلال المونديال، ما رفع سعر تذكرة السفر ثلاثة أضعاف. وهي خطوة أثارت استياء الاتحاد الدولي لكرة القدم وغضبه. وفي سياق متصل، تقدّر جهات حكومية حجم الإقبال السياحي ب300 ألف زائر، علماً بأنها جهزت نفسها لاستقبال 450 ألفاً. ورخصّت لآلاف من بيوت الضيافة لتحتضن الفائض من السياح ومن في غير مقدورهم حجز غرف في الفنادق الفخمة، وأيضاً «ضخمت» التعرفة بنحو أربعة أضعاف! والإقبال الجماهيري على المباريات واعد. إذ تخطت نسبة شراء التذاكر ثلثي المعروض. كما نفدت تذاكر مباريات الدورين نصف النهائي والنهائي ومواجهات إنكلترا وإسبانيا والأرجنتين والولايات المتحدة. وطبعاً ستكون للسوق السوداء كلمة حاسمة «قياسية» في هذا الإطار. ويبدو مسؤولو التنظيم واثقين من كفاءتهم «الأمنية» استناداً إلى مناسبات دولية سابقة. فقد نظمت جنوب أفريقيا ب «سلاسة» كأس العالم للرغبي عام 1995 والكركيت عام 2003، علماً بأن حجم مونديال كرة القدم لا يقارن من دون شك. ومعدل الجريمة في هذا البلد لم يتدن، إذ تسجّل 50 حالة يومياً على الأقل. وهناك شخص من ستة اقترف اغتصاباً. ومدينتا كايب تاون وجوهانسبورغ من المدن ال10 الأخطر في العالم، إذ يعتبر بالنسبة إلى السياح استخدام القطار في الضواحي، بمثابة «انتحار مباشر». خصوصاً أن غالبية الجرائم ترتكب في الأحياء المعدومة. وأنصار ال «بافانا بافانا» لا ينتظرون الكثير من منتخبهم صاحب الأرض في المونديال المقبل، علماً بأن الطموحات المتفائلة ترسم له طريقاً إلى الدور ربع النهائي ومقعداً فيه. على رغم أن متشائمين يجدون من الصعوبة بمكان تخطي المنتخب الدور الأول أمام فرنسا والمكسيك وأوروغواي، وهو الذي فشل في بلوغ نهائيات كأس أمم أفريقيا الأخيرة في أنغولا. وبعدما قلّصت مراحل البطولة المحلية، يخضع منتخب جنوب أفريقيا لمعسكر يستمر شهرين في البرازيل، قبل أن تقوده جولة في ألمانيا. ويستند القائمون على مقدراته إلى تجربة كوريا الجنوبية عام 2002 التي حلت رابعة تحت قيادة الهولندي غوس هيدنيك، ويأملون بصحوة جيدة على أيدي البرازيلي كارلوس ألبرتو باريرا.