إذا كانت الدورة السابقة له قد تميزت باستعادته رونقه ونهوضه من سبات طويل عبر أناقة اختيار أفلامه واستعادته تحليق النقد العربي والمصري من حوله وفوزه بمكانته العربية والعالمية التي كاد يفقدها طوال سنوات «بياته الشتوي»، فإن التوفيق حالف مهرجان القاهرة السينمائي ومنظمي البرامج الموازية، في دورته الجديدة التي بدأت فاعلياتها في الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) وتُختتم في العشرين من الشهر نفسه. حيث ستشارك 7 أفلام مصرية في المهرجان على عكس المتوقع عادة في المهرجانات السينمائية المصرية، والتي تجد صعوبة في العثور على أفلام محلية لمشاركتها في هذه المهرجانات. البداية مع فيلم «من ضهر راجل» من تأليف محمد أمين راضي وإخراج كريم السبكي، و «الليلة الكبيرة» من تأليف أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز، إضافة إلى مشاركة المخرج الشاب كريم شعبان بفيلمه الروائي الطويل الأول «في يوم» في مسابقة «آفاق السينما العربية»، ويُقدم من خلاله قصص ستة أشخاص فقدوا الأمل والكرامة والإحساس بالأمان والحياة بأكملها، بينما يُعرض في المسابقة نفسها فيلم «الثمن» أحدث تجربة للمخرج هشام العيسوي. سينما من الواقع وفي قسم «عروض خاصة» تشارك المخرجة الشابة كوثر يونس بفيلمها التسجيلي الطويل «هدية من الماضي: 20 سبتمبر»، الذي تفاجئ فيه ابنة العشرين والدها في عيد ميلاده الخامس والسبعين بهدية من الماضي، وفي «أسبوع النقاد الدولي» يُشارك المخرج روماني سعد بفيلمه التسجيلي الطويل «توك توك»، الذي يرصد آفاقاً مرنة وحيوية لأطفال ثلاثة أصبحوا كباراً قبل الأوان، ولم يعد أمامهم خيار سوى قيادة «التوك توك» لتأمين دخل يساعد عائلاتهم. وفي «مسابقة سينما الغد الدولية» يُقدم المخرج الشاب محمد كريم نفسه من خلال فيلمه الروائي القصير الأول «الزيارة»، الذي كان مشروع تخرجه في مدرسة براغ للأفلام في دولة التشيك، وأهله للحصول على ديبلوم الإخراج السينمائي عام 2014، بعد حصوله على بكالوريوس الإنتاج السينمائي من الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام في العام 2008. وفيلم «الزيارة» كتبت له السيناريو والحوار الكاتبة التركية ياسمين ديميرشي وقام ببطولته الممثل أحمد كمال وشاركه البطولة عاطف يوسف ولبنى ونس وتدور أحداثه حول زيارة يقوم بها ابن لأبيه بعد انقطاع دام أعواماً طويلة، ويُصبح السؤال الذي يطرح نفسه: «هل للماضي رأي أقوى أم الحاضر؟». مشاركة عربية واسعة ويشارك في مسابقة آفاق عربية العديد من الأفلام التي تناقش القضايا العربية سواء الاجتماعية أو السياسية ويغلب عليها الطابع التراجيدي، فضلاً عن القضايا التي تناقشها الأفلام الأكثر حميمية، حيث تركز على الأسرة العربية في شكل عام والأزمات الاجتماعية، مثل المراهقة والزواج والعلاقات العاطفية، وغيرها من القضايا الأسرية. ففي فيلم «في يوم» للمخرج كريم شعبان، نجدنا أمام قصة ستة أشخاص فقدوا الأمل والكرامة والإحساس بالأمان أثناء سعيهم لحياة كريمة، والفيلم من بطولة عدد كبير من الشباب وهم علي قنديل ونادين أميل، ووفيق أبو السعود، ومصطفى درويش، ونورا سعفان، ورأفت بيومي، وفاطمة كمال، سيناريو وحوار شادي عاطف وسامح خيري وتصوير هابي خليل، موسيقى تصويرية خالد الكمار، تأليف وإخراج كريم شعبان. كما يعرض في المسابقة نفسها فيلم «الثمن» أحدث تجربة للمخرج هشام العيسوي. تدور أحداث هذا الفيلم في مصر، لكنه يروي حكاية لاجئة سورية في القاهرة (تجسدها صبا مبارك)، تقابل شاباً مصرياً، (يقوم بدوره عمرو يوسف)، فقد زوجته، ليخوضا معاً تجارب شاقة وعديدة وفي الفيلم الى جانب صبا مبارك، وعمرو يوسف، نجد صلاح عبدالله في دور لافت. ومن المغرب، يشارك أيضاً الفيلم المغربي «إطار الليل» للعراقية المقيمة في هذا البلد العربي، طالا حديد وهو فيلم رأى كثر من النقاد انه واحد من أقوى الأفلام العربية التي أنتجت، أخيراً. وكان قد سبق لفيلم «إطار الليل» أن مثل المغرب في مهرجانات عالمية، كما تمكن من الفوز بجائزة أفضل فيلم مغربي في المهرجان الوطني للفيلم في طنجة. ويناقش الفيلم الهويات المتعددة والتقاليد المختلفة التي تحدرت منها، حيث تختار هذه السينما المؤثثة بجماليات بصرية عالية وطناً لها بديلاً عن الأوطان المتعددة التي تلقي بظلالها عليها. وتدور أحداث الفيلم حول الشاب زكريا، وهو مغربي عراقي مهاجر أوروبي، جاء إلى المغرب بحثاً عن أخيه، الذي هاجر للقتال في العراق، وانقطعت أخباره في جحيم الحرب. وإلى جانب هذه الأفلام، يأتي من اليمن فيلم «أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة»، الذي بات معروفاً بعدما عرض خلال الشهور الفائتة في عدد من المهرجانات ومن بينها مهرجان وهران الجزائري للفيلم العربي، حيث طاول التنويه الخاص بطلته الطفلة التي تريد الطلاق من شاب تزوجها بالقوة فتجابه من أجل ذلك تعسف المجتمع وبلادة القوانين. ومن المعروف أن خديجة السلامي، كاتبة هذا الفيلم الروائي الطويل ومخرجته، اقتبسته من مأساة حقيقية كانت قد حققت عنها سابقاً فيلماً وثائقياً قصيراً لفت الأنظار في حينه وأثار الكثير من النقاشات. ويأتي من البحرين الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج البحريني الشاب محمد بوعلي «الشجرة النائمة»، الى جانب «بغداد خارج بغداد» من العراق، و «حب وسرقة» من فلسطين، و «بانتظار الخريف» من سورية. وتضم لجنة التحكيم الخاصة بالسينما العربية، التي ترأسها الناقدة التونسية درة أبو شوشة، المخرج المغربي محمد إسماعيل، والفنانة سلوى محمد علي.