شدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على «الأهمية الوطنية لاجتماع القادة اللبنانيين في هيئة الحوار الوطني وتلاقيهم»، وأمل في «أن تستمر المؤسسات الدستورية وفي طليعتها مجلسا النواب والوزراء في القيام بدوريهما»، داعياً اللبنانيين الى «المزيد من التكاتف والتضامن والتزام الثوابت الوطنية التي تشكل منعة داخلية وعنصر قوة في مواجهة أي خطر خارجي». ورأى سليمان «أن التعنت والتصلب اللذين تمارسهما إسرائيل في موضوع الإصرار على بناء المستوطنات في القدسالشرقية يشيران بوضوح الى أن التهديدات التي يطلقها العدو ضد لبنان تستدعي من اللبنانيين تحصين وحدتهم الوطنية لمواجهة الأخطار العدوانية»، مؤكداً أن «الاستقرار الداخلي على كل المستويات وفي كل الميادين محفز أساسي لجلب الاستثمار واستقطاب السياح والمغتربين بما يخدم التنمية». وترأس سليمان مساء جلسة لمجلس الوزراء حضرها رئيس الحكومة سعد الحريري. ميقاتي والمقامات وكان سليمان التقى صباحاً الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي الذي وفي تصريح منفصل، استنكر الحملة التي يتعرض لها سليمان، وقال: «خلال لقائي معه اليوم (أمس) شددنا على أهمية تعزيز التعاون بين مختلف القيادات والمسؤولين للعبور بوطننا نحو الاستقرار المنشود ومعالجة المشكلات الاقتصادية والمعيشية والمالية»، مثنياً على «دور الرئيس سليمان وحكمته وصبره وسعيه الى بلورة قواسم مشتركة تجمع القيادات اللبنانية، لا سيما خلال الجلسة الأولى من مؤتمر الحوار وأملي أن يتعزز هذا التوجه في المرحلة المقبلة ويوصل الى النتائج المرجوة». ودعا ميقاتي الجميع «الى الحفاظ على دور المقامات لا سيما مقام رئاسة الجمهورية وعدم الدخول في سجالات عقيمة لا تفيد بشيء سوى زيادة التشنجات والاصطفافات التي نحن في غنى عنها». وشدد على أن الرئيس «يبذل الكثير من الجهد لتقريب المسافات بين اللبنانيين وإذا كانت لدى البعض ملاحظات أو أفكار فالأمور لا تحل عبر وسائل الإعلام واستثارة العصبيات بل بالحوار وتبادل الآراء الإيجابية البناءة». وفي الرد على الحملة التي تستهدف سليمان، أكد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر «أنَّنا جزء لا يتجزأ من موقع رئاسة الجمهورية»، مضيفاً أنَّه «من خلال اتفاق الدوحة كان يراد أن يكون رئيس الجمهورية حكماً وليس فريقاً، وهذا يمكن أن يزعج البعض، لأنَّه بمجرد تحول الرئيس إلى فريق يعني انقسام لبنان والمؤسسات، وهذا يؤدي إلى إيجاد مراكز قوى من جديد وتوزيع البلد على الرئاسات الثلاث، ما يؤدي إلى إضعافه سياسياً واقتصادياً وفي علاقاته الخارجية وعلى كل المستويات». المر: يا جبل ما يهزك ريح وذكر المر في تصريح الى محطة «أم تي في» بأنَّ «رئيس الجمهورية وخلال قيادته للجيش اللبناني في الفترة السابقة، وخصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية، مر بظروف صعبة، إلا أنَّه حافظ على وحدة المؤسسة العسكرية ووحدة لبنان، إذ إنَّ كثيرين انزعجوا من مواقفه هذه». وقال: «إذا اعتبر البعض أنَّ زياراته ال27 أو 28، التي قام بها سليمان للخارج هي «لشم الهوا» فمخطئ، لأنَّ من يسافر مع الرئيس سليمان يعلم كم هي مضنية هذه الزيارات وشاقة، وهي تعيد لبنان إلى الساحة الدولية، وتصب في مصلحته، لا سيما بعد أن أصبح هناك ديبلوماسية الرؤساء في العالم». ورأى أن دور سليمان «كقائد سابق للجيش أو كرئيس للجمهورية اليوم، وفي إعادة تموضع لبنان بجيشه وأجهزته الأمنية واستقراره المالي والسياسي والاقتصادي، وفي سيادته واستقلاله، أيضاً يزعج البعض، وأنا أقول: «يا جبل ما يهزك ريح»، فموقع الرئاسة هو فوق كل السجالات ومن يريد إدخاله في هذه السجالات، يعمل إذاً على تحويله من حكم إلى فريق في البلد». الصفدي وباسيل ودعا وزير الاقتصاد محمد الصفدي الى «تحييد» موقع رئاسة الجمهورية عن السجالات بين السياسيين، رافضاً التهجُّم على سليمان «الذي اختاره اللبنانيون رمزاً لتوافقهم». وقال: «بفضل مرونته تشكلت الحكومتان الأولى والثانية على رغم صعوبة الظروف ومن ثم أجريت انتخابات نيابية أعادت تحريك المؤسسات الدستورية، وبدفع متواصل منه تتجه البلاد الى انتخابات بلدية سعى أن تتم وفقاً لقانون عصري يعزّز موقع المجالس البلدية. والذي يهاجمه البعض ظلماً فتح درب المصالحة مع سورية وأعاد للبنان حضوره دولياً. وهو نفسه الذي أعاد إطلاق طاولة الحوار لجمع كلمة اللبنانيين حول قضية اختلفت المواقف في شأنها». ورأى وزير الطاقة جبران باسيل ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «يصدر كلام في كثير من المواقع لا يكون مسؤولاً عنه صاحب الموقع، وأعتقد أن القضية يتم تضخيمها». وقال: «هذا موقع سياسي وكل شخص يعطي رأيه من دون ضرورة لتضخيم الأمر لخلق موانع نفسيّة لا نراها مفيدة للمطالبة باستقالة في موقع عزيز علينا في شخصه وفي موقعه، ولا نرى ما هو موجب لهذا الأمر». وأعرب وزير الدولة عدنان السيد حسين عن اعتقاده بأنَّ «مهاجمة رئيس الجمهورية من أي جهة ليست مبنيّة على أي أمر موضوعي، وإنما على أمر شخصي»، مؤكداً أنَّ «الرئيس ثابت في قناعاته ومواقفه التوافقية، ولا يتوقف عند اعتبارات ودوافع شخصية». وقال السيد حسين لإذاعة «صوت لبنان»: «العلاقة اللبنانية - السورية جيّدة ومستقرة وكان للرئيس سليمان دور في تثبيتها»، مشدداً على أنَّ «العلاقة بين البلدين وبين الرئيسين طبيعية». وقال: «لا داعي لتكبير موضوع الهجوم على الرئيس سليمان، ولسنا في معرض التجاذب وهناك علاقات بين الدول يجب أن تُحترم». أبي نصر: لا لاستغلال الرابية ونقل عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي نعمة الله أبي نصر «استغراب رئيس التكتل ميشال عون لاستغلال المنابر الوطنية كمنبر الرابية لشن حملة مرفوضة على رئيس الجمهورية». وقال في بيان «كنا ولا نزال وسنبقى من المدافعين عن موقع رئاسة الجمهورية ونرفض المس بها، ولا يخفى على أحد أن العماد عون هو الذي حمى بموقفه بقاء الرئيس إميل لحود في قصر بعبدا حتى نهاية ولايته متجاوزاً كل الظلم الذي تعرض له في السابق». مكاري وبقرادونيان ولاحظ نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في تصريح أن «مطالبة سليمان بالاستقالة لم تكن دعوة معزولة، بل جاءت من ضمن سياق تصاعدي من التسريبات الصحافية والتصريحات التي فهم منها أن بعض الأطراف لم يكن مرتاحاً الى عدد من مواقف الرئيس الأخيرة، وبالتالي من الواضح أنها تشكل رداً على هذه المواقف». وقال: «ليس صدفة أن تكون جوقة التنديد بالرئيس هي نفسها جوقة التمديد للعهد السابق، فهي لا تريد رئيساً مستقلاً، بل مستقيلاً من واجباته الوطنية والسيادية، ومن قراره الحر، على ما كانت الحال في العهد السابق، وإذا لم يكن كذلك تدعوه الى الاستقالة». ووصف الحملة على سليمان بأنها «محاولة لممارسة إرهاب سياسي على موقع الرئاسة، وعلى الراغبين في إحياء النموذج الرئاسي السابق أن يفهموا أن في سدة الرئاسة اليوم رجلاً من طينة مختلفة، ورئيساً توافقياً ينحاز دائماً الى المصلحة الوطنية وسيادة لبنان». وشدد على أن «الشعب اللبناني لم يعد يرضى بأن يعيد عقارب الساعة الى الوراء، والى زمن ولى. وإن تباكي البعض على صلاحيات رئاسة الجمهورية، لا ينطلي على أي من اللبنانيين، فكيف يطالب هؤلاء بتعزيز هذه الصلاحيات وهم يتطوعون لدعوته الى الاستقالة عندما يمارس صلاحيته الأهم، وهي إبقاء القرار اللبناني حراً؟». واستنكر النائب اغوب بقرادونيان الحملة وقال في بيان: «موقع رئاسة الجمهورية موقع الوحدة الوطنية ورئيس الجمهورية هو المؤتمن على هذه الوحدة وهو يناضل ليحافظ عليها انطلاقاً من مسؤولياته الدستورية وبصلاحياته المتاحة له، فأي هجوم على شخص رئيس الجمهورية الذي أتى سدة الرئاسة بإجماع وطني شامل هو هجوم على موقع الرئاسة وعلى مواقف الرئيس منذ أن كان قائداً للجيش اللبناني المقاوم حيث ناضل لأجل وحدة الوطن أرضاً وشعباً ومؤسسات». واعتبر «إن العبور الى الدولة وبناء الوطن القوي يفرضان احترام المؤسسات الشرعية وعلى رأسها موقع رئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية بالذات والالتفاف حول كل ما ترمز إليها هذه المؤسسات». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا أن الحملة «ناتجة من أن سليمان الرئيس الفعلي للجمهورية وحريص على الدستور وتطبيقه وعلى عمل المؤسسات وعلى عدم التنازل في جميع مناحي الحياة السياسية، ولأنه أيضاً حافظ على التوازن وهو الوحيد المؤتمن على الدستور وعلى مصالح الشعب اللبناني». وأعتبر أن «الانتقاد شيء والحملة على الرئيس شيء آخر»، وقال: «نحن انتقدنا ما رأيناه من مسايرة لفريق في شكل يومي، ولكن رئاسة الجمهورية يجب أن تكون فوق كل المواقع، لا أن يتم التعرض لها». سعيد: يراد اظهار دولة عاجزة وأعرب منسق الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» فارس سعيد عن اعتقاده بأنَّ «البلد أمام حادثة ممنهجة، والمطلوب إظهار الدولة بكل مؤسساتها وبكل رموزها وعلى رأسها رئيس الجمهورية، عاجزة وغير قادرة على اتخاذ القرارات». وقال لإذاعة «صوت لبنان» أنَّ «استهداف الرئيس سليمان ومؤسسة قوى الأمن الداخلي ورئيس الحكومة سعد الحريري، ليس بريئاً ولا بسيطاً». وشدد سعيد على أنَّ «سليمان رئيس توافقي، ونحن كفريق «14 آذار» لدينا ملاحظات على أدائه، ولكن لا يتجرأ أحد منَّا على المطالبة بتقليص ولايته، والملاحظات السياسية على رمز من رموز الدولة شيء والمطالبة باستقالة أحد الرموز شيء آخر». ورأى حزب «الكتلة الوطنية» برئاسة العميد كارلوس إده «أن العودة الى الممارسات السابقة لخروج الجيش السوري من لبنان من شأنها أن تثير الحساسية وتعيد التوتر الى العلاقات بين البلدين وهذا ما نخشاه ولا نريده». واستنكر الحملة «التي يشنها البعض على الرئيس اللبناني وكأنه من غير المسموح لأحد أن يكون لديه موقف وسطي ما بين كافة الأطراف اللبنانية». واستغربت «الرابطة المارونية» في بيان الحملة «وهي مرفوضة شكلاً وأساساً ومن شأنها الإساءة الى الوفاق الوطني واستقرار لبنان»، وطالبت «الأفرقاء جميعاً باحترام موقع الرئاسة، وتنزيه رئيس الجمهورية بعدم إقحامه في خلافاتهم لأنه رئيس كل لبنان وكل اللبنانيين والمؤتمن على الدستور، وهو لكل الوطن وليس لفريق من أبنائه، وهو معروف باعتداله وانفتاحه وتوازنه وايثاره الحوار والتواصل مع جميع الاطراف في اطار الثوابت الوطنية الميثاقية».