تشير النتائج التي تظهر تباعاً للانتخابات في ميانمار، الى تغيير للمشهد السياسي في البلاد، بحيث تتسلّم زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي السلطة، على حساب الحزب الحاكم الذي يُرجّح أن يُمنى بهزيمة فادحة. وتتنافس الأحزاب على 330 في المقاعد ال440 في البرلمان، اذ إن الدستور الذي صاغه المجلس العسكري السابق يخصص للجيش ربع المقاعد من دون انتخاب. ومع إنجاز فرز الأصوات تدريجاً، فاز حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية» بزعامة سو تشي ب78 من 88 مقعداً عُرفت نتائجها، في مقابل خمسة ل «حزب اتحاد التضامن والتنمية» الحاكم. كما أظهرت نتائج رسمية تقدماً ساحقاً ل «الرابطة» في انتخابات المجالس الإقليمية، بنيلها 97 من 107 مقاعد أُعلنت نتائجها، في مقابل ثلاثة مقاعد للحزب الحاكم. وكانت «الرابطة» رجّحت فوزها بأكثر من 70 في المئة من المقاعد، لكن سو تشي رفعت النسبة الى نحو 75 في المئة، واعتبرت ان الانتخابات التي نُظمت الأحد كانت «حرة الى حد كبير»، مبدية أسفها لعمليات «ترهيب» محدودة. وأشارت صحيفة «ميانمار تايمز» الى «غضب عن بطء» فرز الأصوات، ما يثير تساؤلات تطاول لجنة الانتخابات، علماً أن نسبة الاقتراع بلغت 80 في المئة من 30 مليون ناخب. لكن في بلد اعتاد على بطء العمل في كل المجالات، خصوصاً في الإدارات، ينتظر الشعب النتائج، فيما يتجمّع أنصار سو تشي أمام مقر حزبها في يانغون، في أجواء احتفالية. وقال أحدهم: «لست قلقاً حول النتائج. السلطات ستحترم النتائج التي تأخرت لأن هناك مناطق يصعب الوصول إليها». ونيل حزب سو تشي 75 في المئة من الأصوات سيتيح ل «الرابطة» الفوز بأكثر من ثلثَي مقاعد البرلمان، ما سيمكّنه من تشكيل أول حكومة مُنتخبة ديموقراطياً في ميانمار، منذ تسلم الجيش الحكم عام 1962. وأقر قيادي في الحزب الحاكم بأن الأخير «فشل في شكل كامل»، وزاد: «فازت الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية. إنه قدر بلادنا. أونغ سان سو تشي يجب ان تتسلّم المسؤولية منذ الآن، ونهنّئ (الرابطة) في مطلق الأحوال». وذكر ناطق باسم الرئاسة بأن الرئيس ثين سين «قال قبل الانتخابات انه سيقبل النتائج، وهذا الأمر لم يتغيّر». اما رئيس وفد المراقبين الأوروبيين ألكسندر غراف لامبسدورف فاعتبر أن «قبول الخاسرين النتيجة سيشكّل دليلاً على صدقية» الانتخابات. ورأى دانيال راسل، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا، ان نتائج الانتخابات بعد نصف قرن من ديكتاتورية عسكرية تشكّل «خطوة مهمة الى أمام في المسيرة الديموقراطية في ميانمار»، واستدرك: «الآن يأتي الجزء الشاق». وأضاف انه لكي تقدّم الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي المساعدة التي تحتاجها ميانمار، فإن الانتقال من الحكومة الحالية الى الإدارة المستقبلية «يجب ان يكون جديراً بالثقة».