ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية أن الحرائق التي وقعت في اندونيسيا خلال العام الجاري، هي الأسوأ على الإطلاق، بعدما أدت إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات وغطت دول الجوار بضباب دخاني سام. وأشارت الصحيفة الأربعاء الماضي، إلى أن صور وكالة الفضاء الدولية "ناسا" رصدت أكثر من 117 ألف حريق في غابات اندونيسيا خلال العام الجاري، يعتقد أن غالبيتها متعمد من أجل إخلاء الأراضي واستغلالها في الزراعة. وكان الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قال في وقت سابق إن مساحة المزارع والغابات التي احترقت في جزيرتي سومطرة وكاليمنتان (الجزء الاندونيسي من جزيرة بورنيو) بلغت مليوناً و700 ألف هكتار. وأظهرت أحدث بيانات الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات، والتي صدرت الشهر الماضي، أن إقليم جنوب سومطرة من أكثر المناطق تضرراً، وفيه 613 من 726 منطقة حرائق. وأدى الدخان السام إلى مقتل حوالي 10 أشخاص، وتسبب في مشاكل مثل إلغاء رحلات وإغلاق مدارس، إضافة إلى متاعب صحية في البلدان المجاورة، مثل ماليزيا والفيليبين وسنغافورة، أو حتى تايلاند. وتتكرر المشكلة كل عام على رغم استياء الدول المجاورة، لكنها تفاقمت العام الجاري بسبب شدة موسم الجفاف، وقد تزداد سوءاً مع مرور الإعصار «كوبو» الذي أبعد الدخان عن اندونيسيا. وألغت الفيليبين الأحد الماضي رحلات ووضعت المستشفيات في حال تأهب، متأثرة بسحابات الدخان الكثيفة التي غطت جنوب البلاد ووسطها، بسبب حرائق الغابات في اندونيسيا. وحذرت الفيليبين من خطر الدخان والرماد التي تحمله الرياح، خصوصاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون مشاكل تنفسية، ونصحت هؤلاء بوضع قناع أو البقاء في منازلهم. ولم تحقق الجهود الدولية لإخماد الحرائق حتى الآن سوى نجاحات محددة، واعتبر وزير ماليزي الإثنين الماضي، أنها غير كافية وأن جنوب شرقي آسيا سيتعرض لأسابيع عدة، لسحابات دخان خانقة في انتظار موسم الأمطار. وتوقع الباحث لدى «المركز الدولي لبحوث الغابات» هيري بورنومو أن «الحرائق ستستمر حتى كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) المقبلين»، مضيفاً أن النقاط الساخنة وصلت إلى بابوا، وهي منطقة عادة ما تتفادى مثل هذه الحرائق، «بسبب تمهيد السكان لمناطق زراعية جديدة مثل زيت النخيل». وتحصل كبرى الشركات في إندونيسيا على امتيازات لزرع غابات المرتفعات والانخفاضات الاستوائية المهمة بيئياً، ما دفع بعض الناشطين لاتهام تلك الشركات بتحفيز أشخاص على حرق الغابات تمهيداً لتحويلها إلى الزراعة الصناعية، من دون الأخذ في الاعتبار طول أمد موسم الجفاف الذي يجعل السيطرة على الحرائق أمراً صعباً. ويبدأ الموسم المطير في إندونيسيا في تشرين الأول (أكتوبر) أو تشرين الثاني (نوفمبر)، لكن هذا العام من المنتظر أن تواجه البلاد أحوالاً جافة مصاحبة لظاهرة «النينيو» التي تشتد حتى كانون الأول ( ديسمبر) المقبل، ما يعيق جهود السيطرة على الحرائق.