صدحت حناجر فلسطينية، وحناجر متضامنين في مدن فلسطينية ومخيمات للاجئين في عواصم عربية، وعواصم أوروبية ومدن أميركية، بكلمات لربما حين كتبها الشاعر الفلسطيني الراحل إبراهيم طوقان، لم يكن يعلم أنها ستكون النشيد الموحد للفلسطينيين، ولكل تواق إلى الحرية في العالم. صدحت الحناجر «موطني موطني، الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك، والحياة والنجاة والهناء والرجاء في هواك»، قبل أن يتساءلوا والدموع تختلط بالأصوات، وتنهمر على الوجنات الطرية والخشنة، بينما ترتفع الأعلام في أيديهم: «هل أراك هل أراك سالماً منعماً وغانماً مكرماً؟ هل أراك في علاك تبلغ السماك تبلغ السماك؟ موطني موطني». توحدت الحناجر الشابة وتلك التي تغمرها تجاعيد الزمن، تلبية لمبادرة «لنغني موطني معاً»، على رغم الأمطار الغزيرة في العديد من المدن الفلسطينية، حول النشيد الجمعي، كما وصفه كثيرون، والذي لطالما ارتبط بفلسطين، على رغم تحوله قبل سنوات إلى نشيد وطني للعراق. في القدسورام الله وغزة ونابلس وجنين وسلفيت وأريحا والخليل وأم الفحم وحيفا وعكا والناصرة ويافا وبيت لحم وكفر قرع وكفر مندا والعيزرية وغيرها، علاوة على مخيمات اللاجئين في لبنان، وتجمعات فلسطينية ومتضامنين أجانب في بلدان أجنبية من أبرزها الولاياتالمتحدة وتحديداً أمام البيت الأبيض في واشنطن، وفي كندا وفرنسا، غنّى كثر «الشباب لن يكل همه أن يستقل أو يبيد». وحول «لنغني موطني معاً»، قالت إحدى المبادِرات ربى مسروجي: «المبادرة أتت بطريقة عفوية من مجموعة فلسطينيين غيارى على وطنهم، شعروا بأن عليهم أن يقوموا بشيء ما يلفت أنظار العالم إلى ما يحدث في فلسطين، لعلهم يصنعون فارقاً ما، والأهم برأيي هو كيف توجت المبادرة بالنجاح، وتمكنت من أن تجوب العالم، وتخترق الحواجز التي يصر الاحتلال على وضعها بين أبناء الوطن الواحد». ولفتت إلى أن «المبادرين كثر، ومن كل أنحاء العالم، وهم في غالبيتهم لا يعرف بعضهم بعضاً»، حتى ما بعد إتمام المبادرة التي كانت تتطلب ترتيبات كثيرة لتخرج على ما خرجت عليه، علماً أن التواصل كان إلكترونياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت مسروجي: «ما ميز مبادرة «لنغني موطني معاً»، انطلاقها من فلسطين، وعدم ارتباطها بأي جهات رسمية أو أحزاب أو فصائل، كما لم ترتبط بمناسبات وطنية، فكان يوم موطني رسالتنا أننا نحن الفلسطينيين موحدون مهما حاول الاحتلال تفريقنا ما بين ضفة وغزة وقدس ومناطق ال 48 ومخيمات اللاجئين والشتات، وصوتنا واحد، ونحن دعاة للحرية، ونرفض الظلم الذي نتعرض له من سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقواته». وشددت مسروجي على أن هذه المبادرة هي نوع من النضال الى جانب الكفاح المسلح وأشكال النضال الأخرى، كانت مهمة للفت أنظار العالم إلى ما يحدث في فلسطين الآن، وفرصة لتحرك مناصري القضية الفلسطينية في مختلف أنحاء العالم. وتقول: «رسالتنا أننا شعب نحب الحياة، وأننا مع كل أشكال المقاومة السلمية ضد الظلم الذي نتعرض له. بكل بساطة اختيارنا لموطني كنشيد كونه يعبّر عما نريد قوله في هذا الوقت، وليس بالمطلق، ولا يمكن أن يكون تخطياً للسلام الوطني الفلسطيني (فدائي)، كما روّج بعضهم». ومن أبرز المطربين الفلسطينيين والعرب الذين شاركوا في المبادرة بشكل مباشر: عمار حسن، رائد كبها، مراد السويطي، سيدر زيتون، هيثم خلايلة من مخيم برج البراجنة في لبنان، اللبناني معين شديد، في حين شارك محبوب العرب محمد عساف بمقطع صوتي لنشيد موطني على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وهو الذي كان شجع الجميع، وعبر الصفحة نفسها، وكل من مكان وجوده على المشاركة في مبادرة «لنغني موطني معاً».