شدد الرئيس السوري بشار الأسد على ضرورة أن تحدد الدول الأوروبية «ماهية الدور» الذي تريد للاتحاد الأوروبي لعبه في الشرق الأوسط، فيما أكدت الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية كاثرين اشتون عزم الاتحاد على مضاعفة جهوده «لإحراز تقدم في عملية السلام وصولاً إلى سلام شامل». وكان الأسد استقبل أمس اشتون بحضور وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة الدكتورة بثينة شعبان. وقال المعلم إن الطرفين أكدا ضرورة أن يقوم اتفاق الشراكة «على التكافؤ والمساواة واحترام سيادة الطرفين واستقلالهما، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية»، إضافة إلى كونها «شراكة حقيقية» تتضمن بعداً سياسياً، وليس اقتصادياً فقط. وأفاد ناطق رئاسي أن اللقاء شهد «تبادلاً لوجهات النظر في شأن إمكان تفعيل دور الاتحاد الأوروبي في المنطقة، وأكد الأسد ضرورة أن تحدد دول الاتحاد ماهية الدور الذي تريد للاتحاد أن يلعبه في المنطقة، إضافة إلى إجراء حوار في هذا الإطار مع دول المنطقة ومع القوى الفاعلة في العالم». وتطرق اللقاء إلى علاقات التعاون بين الطرفين، إذ أكدا «حرصهما على مواصلة تطوير هذه العلاقات في المجالات كافة». ونقل الناطق عن اشتون «تأكيدها رغبة الاتحاد الأوروبي في المضي قدماً في دفع عملية الشراكة مع سورية، وكان هناك توافق على ضرورة اجتماع خبراء من الجانبين لمناقشة التساؤلات والتحفظات التي تعيق توقيع اتفاق الشراكة»، كما جرى بحث الأوضاع في الشرق الأوسط وعملية السلام، وأكدت اشتون «عزم الاتحاد الأوروبي على مضاعفة جهوده والعمل مع جميع الأطراف في المنطقة لإحراز تقدم في عملية السلام، وصولاً إلى سلام إقليمي شامل». وعُلم أن اجتماعاً غير رسمي عُقد في مبنى وزارة الخارجية السورية بين نائب المدير العام في إدارة العلاقات الخارجية من المفوضية الأوروبية هوغس مينغاريللي ومعاون وزير الخارجية عبدالفتاح عمورة، تمهيداً لإطلاق مفاوضات رسمية بين الطرفين بعد اطلاع سورية على تجارب دول عربية في مجال الشراكة وتقويم الجهات الرسمية آثار الاتفاق على الاقتصاد وعملية الإصلاح والتطوير. وقال المعلم في مؤتمر صحافي مع اشتون إن «وجهات النظر متفقة على أن سياسة الاستيطان التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الحالية تشكل عقبة أساسية أمام استئناف عملية السلام»، فيما قالت اشتون إن «الاتحاد الاوروبي يدرك أهمية سورية لعملية السلام في المنطقة وللاتحاد من أجل المتوسط والاستقرار في المنطقة عموماً». وأكدت أن «تحقيق السلام في الشرق الأوسط يحتل الأولوية القصوى بالنسبة إلى الاتحاد، كما ان تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي أمر بالغ الأهمية لتسوية الصراعات الأخرى، ونحن نريد تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات كافة». وسألت «الحياة» اشتون عن احتمالات الضغط على إسرائيل تجارياً أو عدم رفع المستوى العلاقات لوقف الاستيطان، فأجابت إن «القضية الأكثر أهمية هي دفع الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) إلى متابعة محادثاتهما، ولذلك تنصب جهودي على تحقيق هذا الهدف... وكيف يمكن الاتحاد الأوروبي ان يستعمل نفوذه السياسي والاقتصادي لدفع الطرفين إلى استئناف المفاوضات... (التي) هي الطريق الوحيد للتوصل إلى حل». وأشارت إلى أنها تنسق مع وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، منوهة ب «دور» أنقرة في المنطقة والسلام، في حين أوضح المعلم رداً على سؤال أن بلاده «تثق» برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وانها لم تتلقَّ «أي شيء رسمي» إزاء ما يتعلق باستعداد إسرائيل لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع سورية. وسُئل المعلم عن اتفاق الشراكة، فأشار إلى «الاجتماع غير الرسمي» الذي عقد أمس بين الطرفين، على ان يأتي لاحقاً مينغاريللي على رأس وفد ل «نتفاوض رسمياً على نقاط القلق السورية الموجودة في هذا الاتفاق... أما بالنسبة إلى موعد توقيع الشراكة، فيتوقف على الطرفين ومدى المرونة التي ستبدى خلال المفاوضات». وعن العلاقة مع القاهرة، قال المعلم إن زيارة وزير التجارة الخارجية المصري رشيد محمد رشيد دمشق «تشير إلى قرار قيادتي البلدين بأن العلاقات الاقتصادية التي تهم الشعبين يجب أن تستمر. وفي ما يتعلق بالمصالحات العربية، فإن سورية تقدمت إلى القمة (العربية) المقبلة بورقة عمل من أجل تحقيق التضامن العربي مع آلية لحل الخلافات، ونحن نعتقد أن تحقيق التضامن العربي يتطلب تحقيق هذه المصالحات، لكن هذا يعتمد أيضاً على الإرادة السياسية للقيادات العربية. نحن في سورية مؤمنون بأن التضامن العربي في هذه المرحلة الدقيقة مهم للغاية وسنعمل على هذا التوجه».