أعرب الرئيس الجديد للاتحاد الدولي لألعاب القوى البريطاني سيباستيان كو عن صدمته وغضبه وحزنه بخصوص ادعاءات الرشوة في حق سلفه السنغالي لامين دياك المتهم بابتزاز الرياضيين من أجل التستر على تناولهم المنشطات. وقال كو الذي انتخب في آب (أغسطس) الماضي خلفاً لدياك، في حديث مع وكالة فرانس برس: «أشعر بالصدمة، الغضب والحزن الكبير»، مضيفاً: «هذه الادعاءات التي استفقنا عليها بشأن إمكان وجود عملية ابتزاز فاجأتنا كما حال غالبية العاملين في هذه الرياضة، الذين يشاركوننا على الأرجح المشاعر نفسها التي عبرت عنها للتو. أنا مصدوم، غاضب وحزين». ويأتي موقف كو بعد أن أعلنت مصادر قضائية الأربعاء الماضي أن دياك يخضع للتحقيق بسبب الفساد. واتهم دياك في باريس بقضايا فساد تتعلق بحملة مكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي. وشمل الاتهام بالفساد أيضاً محامي دياك حبيب سيسيه، وتم استجوابهما في العاصمة الفرنسية مع طبيب مرتبط بمكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي من قاضيين ماليين. وأوضح المصدر القضائي أنه تم توجيه تهمة «الفساد وغسل الأموال» إلى دياك، الذي أطلق سراحه بكفالة. وأكد الاتحاد الدولي لألعاب القوى بدوره التحقيق الذي تقوم بها الشرطة الفرنسية مع رئيسه السابق، موضحاً أنه يتعاون بشكل كامل مع التحقيقات. وكان نجل لامين دياك استقال أيضاً من منصبه كمدير تنفيذي للتسويق في الاتحاد الدولي، بعد اتهامه بالفساد أيضاً من خلال التكتم على فضائح المنشطات في روسيا. وتورط مع ابن دياك أيضاً كل من أمين الصندوق في الاتحاد الدولي ورئيس الاتحاد الروسي فالنتين بالاخنيسيف، وتم تجريده من منصبه. وأصدرت لجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي بياناً الجمعة أكدت فيه فتح إجراءات تأديبية ضد أربعة اشخاص، هم غابرييل دولي المسؤول السابق عن مكافحة المنشطات حتى كانون الأول (ديسمبر) 2014، وباب ماساتا دياك، أحد أبناء لامين دياك، وفالنتين بالاخنيتشيف رئيس الاتحاد الروسي وأمين صندوق الاتحاد الدولي حتى كانون الأول (ديسمبر) 2014، والمدرب الروسي في مسابقات المشي إلكسي ميلنيكوف. وتجري التحقيقات مع شخص خامس أيضاً، لكن لم يفصح عن اسمه لأن أي إجراء تأديبي بحقه لم يبدأ حتى الآن، الذي من الممكن أن يكون لامين دياك نفسه. وفي رده على سؤال حول إذا كان على اتصال بدياك الذي سبق له أن وصفه ب«الأب الروحي» للاتحاد الدولي لألعاب القوى، أجاب كو: «كلا»، مشدداً على أن الإجراءات التي اعتمدها الاتحاد الدولي من أجل مكافحة المنشطات لم تكن ناقصة بالكامل، مضيفاً: «رياضتنا كانت رائدة في ما يخص استخدام الجواز البيولوجي، تم استخدامه للمرة الأولى عام 2009 وطبقت العقوبة الأولى عام 2011». وواصل: «منذ حينها وبفضل استخدام جواز فحوص الدم (الجواز البيولوجي) صدرت 85 عقوبة في كل هذه الرياضة بينها 69 لرياضيين، هذا أكثر من الرياضات الأخرى مجتمعة، والأهم أنه أكثر من أي إجراءات اتخذتها الوكالات الوطنية لمكافحة المنشطات. وبالتالي، كلا نحن لسنا متخاذلين». لكن وبحسب تقرير ينشر اليوم (الإثنين) وأعد بدعم من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا)، فإن فضيحة الفساد التي تهز الاتحاد الدولي لألعاب القوى أسوأ بكثير من فصائح الفساد التي تضرب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وتضرب «فيفا» فضائح فساد متتالية منذ أواخر أيار (مايو) الماضي، إذ ألقت السلطات السويسرية القبض على عدد من المسؤولين ووجهت التهم إلى آخرين، ثم تسارعت الأمور لتصل إلى رأس الهرم بإيقاف رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر، وأيضاً رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني المرشح لخلافته لمدة 90 يوماً. هذا فضلاً عن الأخبار شبه اليومية عن شراء الأصوات المتعلقة باستضافة مونديال ألمانيا 2006، والتحقيقات المستقلة بشأن منح روسيا وقطر حق استضافة مونديالي 2018 و2022. وستنشر الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات النتائج التي خلصت إليها اللجنة المستقلة التي شكلتها، وتوقع المحامي ريتشارد ماكلارين كاتب التقرير ل«بي بي سي» بأن هذا التقرير «سيشكل فعلاً تغييراً في الرياضة». وكانت وادا عينت ماكلارين في كانون الأول (ديسمبر) 2014 للتحقيق بمزاعم تتعلق بالمنشطات والتستر على نتائجها، خصوصاً في روسيا بعد أن بثت إحدى المحطات الألمانية تقريراً كشف وجود عدد كبير من الحالات المشبوهة لرياضيين نالوا ميداليات عالمية وأولمبية بين 2001 و2012. واعتبر ماكلارين أن ما يواجهه الاتحاد الدولي لألعاب القوى أكثر خطورة، لأن هناك مزاعم بالتلاعب بالنتائج. وتابع ماكلارين: «لديك مجموعة من الأشخاص كبار السن، الذين وضعوا كميات كبيرة من الأموال في جيوبهم من خلال الابتزاز والرشوة، ولكنهم أيضاً تسببوا في تغييرات كبيرة في النتائج الفعلية والترتيب النهائي للمسابقات الدولية في ألعاب القوى». ويأتي تعليق ماكلارين في أسبوع حافل واجهه الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي اضطر إلى إعلان إلغاء حفلته السنوية لتوزيع الجوائز، التي كانت مقررة في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. لكن كو الذي لم ير تقرير لجنة المستقلة، أشار إلى أنه غير مهتم بمقارنة ما يحصل في اتحاده بما يحصل في «فيفا»، مضيفاً: «أنا لا أريد القيام بأية مقارنة للوضع الموجودين فيه حالياً مع أية رياضة أو أية منظمة أخرى. مسؤوليتي واضحة جداً، وهي مسؤولية أتولاها نيابة عن هذه الرياضة وهدفها إعادة بناء الثقة. إنها عملية طويلة الأمد، لا يجب أن نخدع أنفسنا، وهدفها أن نخلق منظمة يمكن محاسبتها، مسؤولة ومتجاوبة».