طغت الأزمة الأميركية - الإسرائيلية على المشهد السياسي في واشنطن أمس مع تحرك الأذرع المتشددة للوبي اليهودي الأميركي للدفاع عن حكومة بنيامين نتانياهو، في مقابل تمسك الإدارة الأميركية بمواقفها حيال القدس، ودعوتها إسرائيل إلى خلق «الظروف الملائمة» لاستئناف المفاوضات. وتوقع خبراء استمرار الأزمة بين الجانبين إلى حين نيل الرئيس باراك أوباما «تنازلاً» من الجانب الإسرائيلي. ومن تصريحات السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن الذي وصف الأزمة بالأسوأ منذ العام 1975، إلى بيانات لجنة العلاقات الإسرائيلية - الأميركية «أيباك» التي دعت أوباما إلى «اتخاذ خطوات فورية لتخفيف التشنج» مع «الحليف الأقرب لأميركا في الشرق الأوسط»، هيمنت الأزمة التي أشعلتها الإجراءات الاستيطانية في القدس على الجدل السياسي في واشنطن أمس. وفيما تمسكت الإدارة بدعوتها إسرائيل إلى خلق الظروف الملائمة لاستئناف عملية السلام، كان واضحاً من اللهجة الأميركية في الرد على تصريحات نتانياهو التي أكد فيها دعم حكومته التوسع الاستيطاني في القدس، تفادي واشنطن الانزلاق في منازلة كلامية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في شأن هذا الملف من شأنها تقوية موقعه داخلياً. وأكد مسؤول أميركي ل «الحياة» تمسك واشنطن بموقفها في شأن القدس واعتبارها «ضمن قضايا الحل النهائي» وبالتالي تفادي «أي خطوات انفرادية أو تحريضية مقصودة أو غير مقصودة، تحجم الثقة والجهود لاستئناف المفاوضات»، مشدداً على أن الجهود الأميركية تصب «باتجاه خلق الظروف الضرورية لاستئناف التفاوض». ويشير الخبير في معهد «نيو أميركا فاوندايشن» ستيف كليمونز ل «الحياة»، إلى أن حدوث الأزمة بين أوباما ونتانياهو «كان مسألة وقت»، خصوصاً بعد «إحراج نتانياهو للرئيس الأميركي» بتحديه في مسألة الاستيطان منذ بداية جهود المبعوث جورج ميتشل و «إظهاره بموقع ضعيف» على الساحة الدولية. ويرى كليمونز أن الإدارة الأميركية تبحث عن حصد تنازل من نتانياهو في عملية السلام، يساعدها في استعادة موقعها إقليمياً وإعطاء بعض الزخم لعملية السلام، ما عبرت عنه دعوة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الجانب الإسرائيلي إلى «خطوات محددة». وفيما لم توضح كلينتون ماهية هذه الخطوات، تفيد أوساط أميركية أن قيام الحكومة الإسرائيلية بأفعال لبناء الثقة مع الفلسطينيين مثل إطلاق بعض الأسرى أو تحسين الحياة اليومية في الضفة الغربية وخطوات أخرى تسهل بدء المفاوضات، قد تلبي الرغبة الأميركية اليوم. وتسعى واشنطن إلى حصد خطوات كهذه قبل توجه ميتشل إلى المنطقة واجتماعات الرباعية في موسكو نهاية الأسبوع التي ستشارك فيها كلينتون. إلا أن الضغوط الداخلية على الإدارة، خصوصاً أولوية تمرير مشروع قانون الضمان الصحي خلال الأيام المقبلة، قد تعيق جهودها وتكبل أيدي الرئيس الأميركي.