رشحت «جبهة التحرير الوطني»، حزب الغالبية في الجزائر، أمينها العام الحالي عبدالعزيز بلخادم للاستمرار في موقعه للسنوات الخمس المقبلة، خلال المؤتمر التاسع الذي تنطلق أشغاله الخميس المقبل. وتؤشر التغييرات الجوهرية التي أدخلها مشروع القانون الأساس لمؤتمر الجبهة على صلاحيات الأمين العام، إلى أن التجديد لبلخادم حظي بتزكية من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وحمل مشروع القانون الأساس الجديد المقترح للمناقشة والتصويت خلال المؤتمر، تعديلات مهمة ترفع منصب الأمين العام للمرة الأولى منذ إقرار التعددية إلى مستوى هيئة قيادية بصلاحيات واسعة يمكنها اتخاذ كثير من القرارات عند الضرورة من دون العودة إلى بقية المؤسسات. وتمكن أنصار بلخادم في لجنة القانون الأساس من تمرير تعديل قد تعطيه صلاحيات بحجم صلاحيات الأمناء السابقين عبدالحميد مهري وبوعلام بن حمودة. ويسعى بلخادم إلى إحكام قبضته على الحزب الذي تعكس أحواله إلى حد بعيد أحوال السلطة، إذ لطالما نقلت الجبهة صراعاتها إلى السلطة والعكس. وبحسب تسريبات، يريد بلخادم مزيداً من الصلاحيات لمنصب الأمين العام، بما يحقق له التحكم في الحزب من القاعدة إلى القمة. لكن من أجل تحقيق هذا، يحتاج بلخادم إلى تأييد واسع من بوتفليقة الذي ستعرف صلاحياته الشرفية التي لا تتجاوز نطاق دعوة المؤتمر العام للحزب إلى الانعقاد، توسيعاً إذا وافق على ذلك، وهذا رهان آخر لا يبدو بوتفليقة متحمساً له، وهو الذي رفض في الانتخابات الرئاسية الماضية دعوة الجبهة للترشح باسمها وأعلن ترشحه حراً للحفاظ على دعم حزبي التحالف الرئاسي الآخرين «التجمع الوطني الديموقراطي» و «حركة مجتمع السلم». وللمرة الأولى في تاريخ الحزب، غابت الخلافات التي تظهر عادة قبل أي مؤتمر بين أقطاب الحزب، إذ أسكت بلخادم أبرز وجهين من «الحرس القديم»، وهما عبدالرزاق بوحارة وصالح قوجيل اللذان سعيا كثيراً إلى إقناع زملائهما المترددين بأن الصلاحيات يجب أن تعود إلى اللجنة المركزية على حساب الأمين العام، بلجوئه إلى إعلان «دعوة الرئيس بوتفليقة إلى القبول بالرئاسة الفعلية للحزب بدل منصبه كرئيس شرفي» الذي وافق عليه على مضض قبل أربع سنوات. وعلى رغم أن مشروع القانون الأساس بصيغته التي اعتمدتها لجنة تحضير المؤتمر وصادق عليها المجلس الوطني في دورته الماضية، أقر العودة إلى الهيكلية القديمة التي تختزل الهيئات القيادية الوطنية في لجنة مركزية ومكتب سياسي، فإن الأمين العام المقبل سيُنتخب من اللجنة المركزية، لكن هذه المرة «لمدة خمس سنوات» بحسب ما جاء في النص، ما يجعل منصب الأمين العام في منأى عن التقلبات والصراعات المكتومة التي لا تكف عن هز الحزب. وفي ذلك ما يشبه حصانة تضمن بقاء الأمين العام في منصبه حتى المؤتمر المنعقد بعد خمس سنوات أخرى، على عكس ما كانت عليه الحال في فترة قيادة الأمناء العامين السابقين مهري وبن حمودة وحتى علي بن فليس، وتُضاف إلى ذلك «صلاحيات محددة بوضوح في مشروع القانون الأساسي». وتم الاهتداء إلى هذا الحل «لإيجاد نوع من سلطة الردع على مستوى الأمانة العامة تفرض الانضباط»، بعدما رفض بوتفليقة لعب دور الحكم وأصر على وضعه كرئيس شرفي للحزب لا تكاد صلاحياته تزيد على رئاسة اللجنة المركزية واستدعاء المؤتمر. وتذهب قراءة أخرى إلى أن معركة رئاسيات 2014 داخل الجبهة بدأت فعلاً من هذا التعديل الجديد على قانونها الأساس.