استضافت الشارقة مؤتمر الناشرين العرب الثالث تحت شعار «صناعة النشر: آفاق وتحديات العصر الرقمي»، وتمت خلاله مناقشة واقع صناعة النشر ومستقبلها في العالم العربي. وقالت الشيخة بدور القاسمي في حفلة افتتاح المؤتمر: «إن انعقاد هذا المؤتمر في إمارة الشارقة ودولة الإمارات يعكس الدور المهم لحكومتنا على المستوى الإقليمي والعالمي وجهودها في دعم المعرفة والعلوم والثقافة بصفة عامة وصناعة النشر بصفة خاصة، فقد حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى دول غرب آسيا وشمال أفريقيا، وال 36 عالمياً من بين 143 دولة في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2014، وهو ما يعكس مدى حرص حكومتنا على تطبيق أفضل الممارسات في مجال محاربة القرصنة وحماية الملكية الفكرية، نظراً الى دورها المحوري في تعزيز جاذبية بيئة الإبداع ودعم الاقتصاد المعرفي، ويأتي هذا التوجه أيضاً كواحد من أهم أولويات قيادتنا الرشيدة في العام 2015 الذي أُعلن عنه كعام للابتكار في دولة الإمارات». وحول تحدي الملكية الفكرية، قالت الشيخة بدور القاسمي المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين: «إن موضوع الملكية الفكرية هو موضوع محوري في صناعة النشر، وهو أحد أهم أطراف معادلة النجاح أو الفشل في توفير بيئة حاضنة لصناعة النشر والإبداع، وقد أثبتث الدراسات أن الدول التي وضعت قوانين صارمة وإستراتيجيات فعالة لحماية الملكية الفكرية، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، تشهد ازدهاراً صناعياً واقتصادياً، ورواجاً ثقافياً وعلمياً وإبداعياً يساهم بإيجابية في دعم وتنشيط دورة الحياة بشقيها الأساسيين: الثقافة والاقتصاد». ورحب محمد علي بيضون الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب خلال كلمته بجميع المشاركين والمحاضرين والمحاورين في المؤتمر، قائلاً «نحن نعلم جميعاً أن الثقافة هي مقياس رقي الشعوب والأمم، لذلك اجتمعنا هنا لنعمل متطوعين للرقي بمهنة النشر والكتاب، لأنها الوسيلة الأولى للتواصل بين المبدعين والباحثين والمطلعين والقراء». وأكد أن الثقافة ليست ميداناً للمعرفة فقط، بل هي وعاء التاريخ والجغرافيا والحضارة والحاضر والمستقبل، فحين تكون الدولة بلا تاريخ لن يكون لها حاضر ومستقبل، مؤكداً أن مؤتمر الناشرين العرب الثالث يعقد لتثبيت قواعد الحاضر اعتماداً على التاريخ لننطلق نحو المستقبل. ولفت أنه لا يزال للكتاب الورقي ثقله المؤثر والفاعل في أسواقنا بدليل تنظيم معارض الكتب الدورية على مدار العام، وفي معظم البلاد العربية والدول الأخرى، ونسبة المبيعات المقبولة التي تحقها هذه المعارض عاماً بعد عام. وتطرق إلى شعار مؤتمر الناشرين الثالث «صناعة النشر آفاق وتحديات العصر الرقمي»، بكل محاوره، وقال «إن النشر الرقمي وانتفاء الحدود الثقافية بين الدول شكلا غزواً ثقافياً للعالم العربي عبر ترجمة الكتب الغربية للغة العربية، لافتاً الى أن الترجمة مطلوبة في عالمنا الحالي من أجل الاطلاع على العلوم التي جعلتهم يتقدمون علينا، موضحاً أن دور البلدان العربية حالياً يتطلب قيامهم بغزو ثقافي معاكس من خلال ترجمة تراثنا لكتب باللغة الأجنبية، لكي تتصدر ثقافتنا وحضارتنا كل دول العالم. وأكد ريتشارد تشاركين رئيس الاتحاد الدولي للناشرين في كلمته أن مؤتمر الناشرين الذي يشارك به للمرة الثالثة على التوالي مهم جداً له، لكونه أصبح رئيساً للاتحاد الدولي للناشرين، مرحباً بالدول العربية التي انضمت مؤخراً الى الاتحاد، ومتمنياً أن تنضم كل الدول العربية والأوروبية إلى الاتحاد في أسرع وقت ممكن لتخطي التحديات ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال النشر والطباعة. وقال رئيس الاتحاد الدولي للناشرين «إن دور النشر تواجه أوقاتاً صعبة ومهمة في تحديات العصر الحالي من حيث التطورات الرقمية التي يشهدها العالم، وإن على الحكومات ادراك معنى التعليم والنشر والثقافات الإبداعية، والوقوف إلى جانب العاملين في تلك القطاعات ودعمهم». وخلال كلمته الرئيسة للمؤتمر، سرد الروائي والناقد اللبناني الياس خوري، قصته مع القراءة والكتابة والتي بدأها قائلاً: «علاقتي بالأدب كانت محيّرة منذ الكتاب الأول الذي قرأته، وكنت في نحو التاسعة من عمري، وجدت في بيتنا مجموعة روايات جرجي زيدان التاريخية، فكان هذا الكاتب دليلي الأول إلى عالم امتزج فيه الخيال بالتاريخ، وسحر السرد بمتعة الأدب، قرأت «فتاة غسان»، وأُصبت بحالة رافقتني طوال حياتي، وكنت لا أجرؤ على البوح بها لأحد، ومع تنوّع قراءاتي، ازدادت هذه الحالة تفاقماً، وهي لا تزال ترافقني إلى اليوم، قرأت كل روايات زيدان، ودمجتها بهوسي المبكر بالشعر الجاهلي». وأضاف إلياس خوري: «إن مفصل علاقتي بالقراءة حدث مع روايتين: الأولى هي رواية «الغريب» لألبير كامو، والثانية هي رواية «رجال في الشمس» لغسان كنفاني، وقال: «رواية كامو سحرتني بأسلوبها المباشر ومستويات النص المتعددة فيها، أما رواية كنفاني فقد أشعلت في داخلي نار الأسى والغضب، وعلى رغم عدم وجود قاسم مشترك بين الروايتين الصغيرتَي الحجم، فإنهما قادتاني إلى أن أعي دلالات المشاعر الأولى التي اختبرتها في قراءتي المبكرة لزيدان». وكرّم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الناشر المهندس إبراهيم المعلم، لإسهاماته الكبيرة في مجال تطوير صناعة النشر في المنطقة العربية، والتي عُرضت خلال الحفلة في فيلم قصير وثق حياته المهنية، واستعرض مسيرته الحافلة بالإنجازات. وكانت العاصمة السعودية الرياض استضافت مؤتمر الناشرين العرب الأول، الذي أقيم العام 2009 تحت شعار «مستقبل صناعة النشر في العالم العربي»، فيما استضافت مدينة الإسكندرية في مصر مؤتمر الناشرين العرب الثاني، الذي أقيم في 2013، تحت شعار «تمكين المعرفة وتحديات النشر العربي».