تفكر الولاياتالمتحدة في العودة الى تصدير النفط من جديد، بعدما كانت حظرت تصديره في العام 1973. ويأتي هذا الاقتراح، وهو الأول من نوعه، في اطار محاولات لخفض الإنفاق في الموازنة الجديدة التي أثارت خلافات حادة. ولاقى الاقتراح دعماً سياسياً كبيراً في الكونغرس الأميركي، الذي اعتبره حلاً جيداً للولايات المتحدة في ظل طفرة الزيت الصخري في البلاد، وانخفاض اسعار النفط في العالم، إضافة إلى الاتفاق النووي مع ايران. ونقل موقع "سي إن إن" عن نائب ولاية تكساس الجمهوري جو بارتون قوله: "لا يحتاج الأمر الى التفكير. فهو سيضغط على الروس والسعوديين، ولا يؤدي الى ارتفاع أسعار النفط، ويوفر في الوقت ذاته فرص عمل للناس". وكانت الولاياتالمتحدة قررت الحظر على كل صادرات النفط الخام تقريباً في العام 1975، بعدما أوقفت الدول العربية المصدرة للنفط صادراتها في اثناء حرب عام 1973 رداً على الدعم الأميركي لإسرائيل. وضاعف هذا الحظر أسعار النفط في شكل كبير، ما أدى إلى خسائر فادحة للاقتصاد الأميركي، الذي كان يعتمد كلياً على النفط الأجنبي. ووُضع الحظر لمنع مثل هذه الاضطرابات في المستقبل وحماية الموارد المحلية. ولكن الوضع مختلف حالياً عما كان عليه آنذاك. فبفضل ثورة الزيت الصخري، أصبحت الولاياتالمتحدة أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في العالم. وخرجت أميركا بعد الحصار الاقتصادي بفكرة تضمن لها حاجتها من النفط، إذ أخفت على طول ساحل الخليج الأميركي، وعلى امتداد أربعة مواقع مؤمنة في أماكن غير لافتة للانتباه، حوالى 700 مليون برميل من النفط تحت الأرض. ويؤكد موقع حكومي أميركي أن "الحجم الهائل للمخزون الاحتياطي الإستراتيجي من النفط يشكل رادعاً مهماً في مواجهة وقف واردات الولاياتالمتحدة من النفط، وأداة مهمة في السياسة الخارجية". ومع ان الفكرة ذكية الا انها مكلفة، إذ تضمنت موازنة هذا العام 200 مليون دولار لصيانة احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي، وفق موقع "بي بي سي". ويقول بوب كوربن، من وزارة الطاقة الأميركية، وهو الشخص المسؤول عن التأكد من أن الأموال تصرف في الوجه الصحيح: "كل مواقعنا تكمن داخل ما نطلق عليه القباب الملحية. فالملح يصون النفط الخام، ولا يختلط به، ولا يذوب فيه. لذا، فهذه القباب تشكل منشآت تخزين مثالية". واعتمدت الولاياتالمتحدة في الماضي على احتياط النفط الإستراتيجي للخروج من أوضاع صعبة، مثل حرب الخليج الأولى التي اضطرب فيها توزيع النفط في الشرق الأوسط، وإعصار كاترينا في العام 2005، عندما تمت الموافقة على استخدام نفط الطوارئ قبل 24 ساعة من وصول الإعصار إلى اليابسة. وبينما تواصل الحكومات والهيئات المعنية بالطاقة التخطيط تحسباً لوقوع الأزمات، يبدو أن مخزونات النفط الإستراتيجية آخذة في الزيادة والتوسع. ومن الواضح أن الولاياتالمتحدة وعدداً من الدول تؤمن بأن الاحتياطي الإستراتيجي للنفط يشكل استثماراً موفقاً. لكن، وعلى رغم كل التجهيزات والإعداد، مازال ممكناً، أثناء وقوع أزمة في المستقبل، أن يشهد توزيع النفط اضطراباً، وربما لا يضخ بالسرعة المطلوبة من الاحتياطي الإستراتيجي. فهل ستتكرر أزمة حرب عام 1973؟ يقول بوب كوربن: "لا أريد أن أخمن ما إذا كان ذلك سيتكرر أم لا، نحن نعد العدة لضخ النفط حين نحتاج إليه". وكان موقع إلكتروني تابع ل «الكونغرس» الأميركي نشر نسخة من مشروع قانون اقترح فيه زعماء «الكونغرس» بيع 58 مليون برميل نفط من احتياط الطوارئ على مدى ست سنوات تبدأ في السنة المالية 2018، للمساهمة في تمويل اتفاق في شأن الموازنة ينهي تخفيضات إجبارية في الإنفاق. وكان خبراء اقتصاديون قالوا إن «خفض الاحتياط الإستراتيجي هو فكرة صائبة في وقت خطأ، في ضوء أسعار النفط المنخفضة».