أفادت «هيئة الغابات الأميركية» في أيار (مايو) الماضي أن «الجفاف تسبب في موت قرابة 12.5 مليون شجرة في غابات جنوب وسط الولاياتالمتحدة جراء الحرائق التي تشهدها غابات ولاية كاليفورنيا». لكن عندما حلق باحث في علم الأحياء بطائرته الخاصة على ارتفاع ستة آلاَف قدم فوق الغابات نفسها، اكتشف ما هو أسوأ بكثير. وقدر الباحث في معهد «كارنيغي للعلوم» غريغ آسنر وفريق عمله عدد الأشجار التي من المرجح أن تموت ب120 مليون شجرة، أي قرابة 20 في المئة من غابات الولاية. ويستخدم آسنر الآشعة السينية للكشف ليس فقط عن الاشجار الميته، لكن أيضاً الاشجار المجهدة بسبب الجفاف والتي من المرجح موتها. وترصد أدوات آسنر عملية التمثيل الضوئي والنشاطات الكيميائية داخل أوراق الأشجار التي تعكس قدراً من الضوء يختلف بحسب درجة نضارة الورقة أو جفافها. ويُرصَد الضوء المنعكس من خلال منظار خاص، فكلما زادت المياه في الأوراق، قل الضوء المنعكس، وكلما زاد الضوء المنعكس، كانت الورقة أكثر جفافاً.، بالإضافة إلى منظار آخر يعمل بالليزر يعطي صوراً ثلاثية الابعاد للغابة. وبجمع البيانات من المنظار والليزر، يصنع آسنر صوراً طبوغرافية تظهر حالة الغابة: الأشجار الصحية زرقاء اللون، والأشجار المجهدة (الجافة) صفراء، والشديدة الجفاف باللون الأحمر. ويرى أفراد الطاقم المساعد لآسنر، أن هذه الغابات «جمال مشوّه»، وأنها مجرد «محرقة»، مؤكدين أن مسح أسنر مطابق للحقيقة. كما وصفوا سلسلة جبال لوس أنجليس بأنها عبارة عن «برميل من البارود»، وأنها «ليست مكاناً سعيداً للشجر»، مشددين على أن غابات البلوط في سفوح جبال «سييرا» في ورطة كبيرة. ويؤكد آسنر أن «الغابات تفقد بين 1 في المئة و1.5 في المئة من أشجارها سنوياً»، كاشفاً أن «نحو ستة بلايين شجرة (13 في المئة من مساحة الغابات الغربية) ماتت منذ عام 1997 حتى 2010 بسبب الجفاف وخنفساء اللحاء». ويقول الأستاذ في قسم الجغرافيا بجامعة «ايداهو» جيفري هايك إنه «بغض النظر عن معدلات سقوط الأشجار الحالية، فإن الدولة لا تفقد غاباتها بالكامل». لكنه يضيف أنه «استناداً إلى الملاحظات، فإن الغابات المنخفضة في أعظم خطر». ويوضح هايك أن « نزح الاشجار وتغير المناخ بسبب ظاهرة الإحتباس الاحراري وراء جفاف هذا العام، ما سيؤدي إلى موت الأشجار القديمة، وستجهد الأشجار الأصغر سناً». ولا يستغرب أخصائي المناخيات الاحيائية في مرصد «لامونت دوهريتي» في جامعة «كولمبيا» بارك وليامز الأرقام التى اعلنها آسنر. ويشبه وليامز الذي يدرس الجفاف في ولاية كاليفورنيا، الوضع بأنه «كما لو حصلت ضربة فأس عملاقة في الغابة». وتشهد غابات كاليفورنيا جفافاً قاسياً منذ سنوات. وكان حاكم الولاية جيري براون أصدر مرسوماً تنفيذياً مطلع نيسان (أبريل) الماضي، فرض بموجبه التقشف في استخدام المياه بنسبة 25 في المئة في الولاية. ويتخوف الخبراء من أن يؤدي الجفاف إلى تراجع اقتصاد أكبر ولاية أميركية من حيث التعداد السكاني، إذ يعيش فيها حوالي 40 مليون شخص، فيما يبلغ ناتجها المحلي 2.3 تريليون دولار، ما يجعلها سابع أكبر إقتصاد في العالم، متقدمة على اقتصادات دول كبرى مثل البرازيل وروسيا وإيطاليا. وكان اقتصاد كاليفورنيا زاد بنسبة 4 في المئة على مدى السنوات الثلاث الماضية. وعلى رغم الوضع الحرج الذي يسببه هذا الجفاف، إلا أن آسنر يصر على أن هناك «أملاً»، قائلاً: «إذا نظرت حولي وفكرت أنه لا توجد طريقة للتعامل مع هذه المشاكل، سأكون متشائماً». وتابع أن «هناك طريقة مع وجود إدارة فعالة»، كتحديد التضاريس الضعيفة والنظر في كيفية تقوية الاشجار المجهدة، وحماية الاشجار الصحيحة.