أصبح للذكاء الاصطناعي ذراع في كل شيء، بدءاً من ألعاب الفيديو وحتى برامج التعرف على الصوت مروراً بتطبيقات القيادة الآلية للسيارت، وأخيرا الطب بعدما بدأت الآلات الذكية تأخذ مكان البشر في التشخيص ووصف العلاجات. و«الذكاء الاصطناعي» برامج قادرة على التعلم والتحليل باستخدام خوارزميات معقدة، وتعالج البيانات أسرع من عقل الانسان لتصل إلى حلول منطقية. واخترعت شركة "آي بي أم" خلال العقد الماضي الكمبيوتر «واتسون» القادر على الإجابة عن أي سؤال من دون الاتصال بالانترنت، نتيجةً لكم المعلومات الهائل المُخزن بداخله. وشارك «واتسون» في مسابقة «جيوباردي» التلفزيونية الخاصة بالمعلومات العامة، وتفوق على أشهر الفائزين السابقين. ودخل «واتسون» العمل في المجال الطبي في مركز «ام سي كي» في نيويورك المختص بتشخيص السرطان وعلاجه، وتمت إضافة ملفات عشرات ألوف من المرضى إلى المعلومات المخزنة أصلا في الجهاز. وبإمكان دكتور «واتسون» تشخيص المرض بعد إدخال الأعراض، فيقوم الجهاز بوضع أكثر من احتمال للمرض الذي يعاني منه الشخص، ويربط تلك الاحتمالات بتاريخ المريض الصحي، والأمراض المنتشرة في عائلته، وخريطته الجينية، ويحللها وفقاً لما يحتويه من معلومات، ليتمكن من تحديد المرض، واقتراح العلاج المناسب. وتُشجع بعض الهيئات الصحية هذا الاتجاه الآلي في مجال التشخيص الطبي، لأنه قد يساهم في اكتشاف بعض الأمراض مبكراً فيحمي المريض ويقلل كلفة العلاج. وأطلقت «مؤسسة كاليفورنيا للعناية الطبية» مسابقة بجائزة قدرها 100 ألف دولار، لمن يصل إلى نظام يمكن استخدامه إلكترونياً للكشف المبكر عن مرض اعتلال الشبكية الذي ينتشر بين المصابين بداء السكري، وقد يؤدي إلى فقدان البصر. وبالفعل، توصل الفائز إلى خوارزمية يمكن تخزينها في أجهزة التشخيص الآلية لتصبح قادرة على اكتشاف المرض قبل حدوثه بنسبة 85 في المئة. ولا يقتصر استعمال "الذكاء الاصطناعي" في الطب على عملية التشخيص، بل تعدّى ذلك ليشمل إجراء العمليات الجراحية. وبعد نجاح الروبوتات الحالية التي لا زالت خاضعة لأوامر الطبيب البشري في إجراء عمليات أكثر دقة من يد الجراح، يأمل أطباء أوروبيون في أن يصل العلم إلى مرحلة يستطيع فيها الروبوت إجراء بعض العمليات وحده، من دون أي تدخل من قبل البشر. إلا أن هناك عوائق تقف أمام انتشاره واستخدامه بشكل واسع، أهمها ما يقدمه الطبيب البشري من راحة ودعم معنوي للمريض، خصوصاً في حال الأمراض الخطيرة، وهو ما تعجز الآلات عن تقديمه. وكشفت دراسة أجرتها «شبكة بحوث العلوم الاجتماعية» في الولاياتالمتحدة أن الناس يفضلون دائماً تشخيص إنسان مثلهم لأمراضهم، ويرفضون وضع مصيرهم بأيدٍ آلية. وأشارت الدراسة إلى أن المرضى يسامحون الطبيب البشري لو أخطأ مرة في التشخيص وقد يعودون إليه مرة أخرى، لكنهم لا يسامحون آلة أخطأت مرة، ونادراً ما يعودون إلى استخدامها. باختصار يتقبل البشر الخطأ من بعضهم، لكنهم لا يتقبلونه من الآلات.