هذا العنوان أطلقة وزير الثقافة والإعلام، على الروائي الشهير، «عبده خال»، وحقيقة لا أعرف كيف أكتب عن هذا المبدع، ومن أين أبدأ؟ هل أكتب عنه من منطلق الرواية والإبداع؟ أم أكتب عنه من مبدأ الأخوة والجيرة؟ فنحن جيران وأسرتانا بمثابة الأهل، ولم يكن يفصل بين بيتنا وبيتهم إلا جدار من الأسمنت؟ كنت أراه في الحارة يتأبط الكتب، وينتقل في الجامعة من قسم إلى آخر حتى استقر في قسم العلوم السياسية، ولكنه لم يعمل بالسياسة في حياته، بقدر ما طوعها لكتاباته الروائية، أو الأوراق النقدية، والبحثية، وأرسلته الأقدار إلى وزارة التربية والتعليم ليبقى معلماً في مدارسها الابتدائية حتى الآن، ينمو ويتطاول في الإبداع حتى وصل إلى قمة الهرم الأدبي الحالي في المملكة، معتمداً على موهبته القابضة على نواصي الأحداث، فيشرحها، وينسجها، على الورق، مشكلاً بذلك روائع من الفكر، واللغة، في ظل موهبة فذة في عالم الرواية مستنداً على الموروث وفاتحاً رواياته على المستقبل، يضاف إلى ذلك حضوره في الصحافة كاتباً يومياً يعالج الكثير من الظواهر التي لا تنتهي في مجتمعنا بجرأة سليمة، جعلت من أعداء النجاح يشنون عليه حملات من الشائعات والكتابات النتئة، فشتموه، وقذفوه ولعنوه، وظل هو يرمي بشرر رواياته متفرغاً لها، وتاركاً لهم الانشغال بمحاربته، حتى وصل إلى هذه الجائزة التي لا نقول بأنها شرفته بقدر ما تشرفت هي به، وعلى رغم الشهرة العريضة التي نالها عبده من إبداعاته إلا أنها لم تغيره وزادته تواضعاً، وظل هو ذلك الأسمر النحيل صاحب الضحكة الطفولية البريئة التي تراها على وجهه مصافحة كل محبيه من أهل، وأصدقاء، ومعارف، ومعجبين، فالشهرة لم تصنعه بقدر ما صنعها هو ليظل هو سيدها وفارسها. ضحكت مرات كثيرة وحزنت في الوقت نفسه على عقول أصحاب تلك الكتابات النتية التي كانت منصبة عليه وهم يحاولون أن يرموه بأكاذيبهم، وأقاويلهم المكشوفة، لمعرفتي له ولأخلاقه الجميلة، فهو إنسان نبيل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ رفيعة فهو يقدس أسرته، ويجلها كثيراً، ودائماً ما كنت أهدده بأنني سأشكوه إلى أختيه إذا لم يهدني أحدث مطبوعاته، لأنني أعرف جيداً مقدار حبه لهما وما يكنه لهما من احترام وتبجيل منقطع النظير، ولما أصدر روايته هذه الحائزة على جائزة «البوكر» ظل يماطلني في إهدائها لي، وكلما سألته يقول لي: «حالاً أرسلها لك» ولا يفعل، حتى حاصرته في الرياض أخيراً وهو يتجول على دور النشر التي كانت تعرض مطبوعاتها على هامش مؤتمر الأدباء الأخير، فما كان منه إلا أن اصطحبني إلى إحداها، إذ اشترى لي الرواية مع مجموعة من الإخوة والأخوات الذين أحاطوا به يطلبونها. عبده خال واحد من أبناء حارة الهنداوية وبناتها، الذين طارت إبداعاتهم في شتى الفنون الأدبية، والفنية، والرياضية، وقد كتب عنهم العام الماضي الأستاذ القدير «محمد صادق دياب» في زاويته اليومية بصحيفة «الشرق الأوسط» موضوعاً بعنوان «الهنداوية من عالم الرواية إلى صناعة النجوم» والمقصود بعالم الرواية، هو رواية عبده خال التي بعنوان «الهنداوية»، ثم مضى بعد ذلك يذكر أسماء نجوم الهنداوية في الرواية، والشعر، والفن، والفكر، مساوياً بين البنين والبنات. عبده خال هو في حد ذاته رواية من الكفاح، والاجتهاد، والثراء الإنساني، وشهادتي فيه مجروحة بحكم الأخوة والجيرة، ولكنه مبدع يجبرك أن ترفع له قبعتك احتراماً، وتقديراً، لهذا العطاء السخي، الزاخر بالفكر سواء في رواياته، أو بحوثه النقدية، أو مقالاته اليومية. [email protected]