قلل فلكيون من آثار إعصار تشابالا الذي يضرب الأراضي اليمنية والعمانية، على المملكة، لافتين إلى أن صحراء الربع الخالي الواقعة جنوب المملكة، تمثل درعاً واقية للبلاد من الأعاصير، التي تتبدد بمجرد ملامستها الأراضي الصحراوية، وتتغذى على رطوبة البحار والمحيطات. وكانت جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة شرق خليج عدن، أولى محطات الإعصار أمس (الأحد) تلتها محافظة ظفار العمانية. وبدأت تأثيرات الإعصار، الذي حُدد من الدرجة الرابعة، بتساقط الأمطار الغزيرة. وأشارت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية في تقرير عن آخر التحديثات للحال المدارية في بحر العرب (الإعصار المداري تشابالا)، إلى وجود مركز الإعصار على بعد 260 كم شمال شرقي جزيرة سقطرى اليمنية، ويتحرك غرباً بسرعة 15 كم في الساعة خلال ال24 ساعة المقبلة، باتجاه السواحل اليمنية، وتبلغ سرعة الرياح القصوى المصاحبة للإعصار نحو 220 كم في الساعة، مع أمطار رعدية غزيرة إلى شديدة الغزارة. ويتوقع أن يعبر مركز الإعصار السواحل اليمنية إلى الشرق من مدينة المكلا مساء غد (اليوم الإثنين) بسرعة رياح قصوى تصل إلى 120 كم في الساعة، مع احتمال أن يضعف تدريجياً، ويتحول بعدها إلى عاصفة مدارية داخل الأراضي اليمنية. كما تشير خرائط توقعات النماذج العددية في الرئاسة إلى تأثر منطقة نجران وخصوصاً الأجزاء الشرقية منها، بهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة مع نشاط في الرياح السطحية، وذلك من مساء يوم الثلثاء، وحتى الأربعاء. من جهته، أوضح خبير الأرصاد وعلوم الفلك الدكتور خالد الزعاق، أنه «إذا تجاوزت سرعة الإعصار تشابالا 135 كم في الساعة، فإنه سيتحول إلى إعصار من الدرجة الخامسة». وقال ل«الحياة»: «إن قوة إعصار تشابالا وحدته بدأت اليوم (أمس الأحد) وستستمر إلى غد (اليوم الإثنين)، والمناطق المتأثرة به هي سواحل عمان، وإقليم حضرموت في اليمن، التي تشهد هطول أمطار غزيرة منذ أمس، إضافة إلى ارتفاع موج البحر على سواحلها». واستبعد الزعاق أن يكون هناك تأثير مباشر للإعصار على السعودية، وزاد: «مناخ السعودية صحراوي، والأعاصير لا تعيش في هذا المناخ، بل تتغذى على الرطوبة، التي توجد في المحيطات، وبمجرد ملامسة الإعصار اليابسة، سواء في عمان أم اليمن فستخف حدته، وتتلاشى، ليعود إلى موطن تكونه وسط المحيط»، منوهاً إلى أن «التأثيرات على السعودية ستكون إما من خلال زيادة الرطوبة في أجوائها، وهذا سيؤدي إلى هطول أمطار على المناطق الجنوبية منها، أو سحب الرطوبة من أجواء المملكة بالكامل. وهذا سيؤدي إلى جفاف الطقس وتفرق السحب المتكونة حالياً في سماء المناطق الجنوبية السعودية». بدورها، دعت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد اليمنية إلى إخلاء سكان المناطق الساحلية المتوقع أن يضربها الإعصار في محافظات المهرة، وحضرموت، وشبوة، وسقطرى، مع أخذ الإجراءات الاحترازية المناسبة لتجنب الخسائر في الأرواح. ووصفت «تشابالا» من ضمن الأعاصير اللولبية التى تختلف بحسب أنواعها، وذلك بحسب سلم خاص بها، يعرف باسم «سلم فوجيتا»، الذي يصنفها وفق سرعتها وحجم الدمار والخسائر التي تسببه. وأكدت الهيئة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، ضرورة «ابتعاد المواطنين عن البحر مسافة لا تقل عن كيلومتر واحد، وتجنب ركوب البحر اعتباراً من يوم السبت، وعدم ترك القوارب على الشواطئ، ونقلها إلى أماكن أخرى». وشددت «الهيئة» على «وقف الأنشطة في المناطق الساحلية في الموانئ والمطارات أثناء الحال الجوية والبقاء في المنازل، وعدم الخروج وتوفير المواد الغذائية والحاجات الضرورية مدة أربعة أيام، وتجنب قيادة المركبات». ودعت المواطنين إلى الابتعاد عن الأماكن المنخفضة ومجاري السيول، لاحتمال فيضانها على المناطق المجاورة لها، ودخولها إلى المساكن والمزارع، وعدم الوقوف أمام أعمدة الكهرباء، أو تحت الأشجار، وعدم استخدام الهاتف النقال أثناء العواصف الرعدية المصاحبة للحال الجوية. وتوقعت الهيئة أن تكون هناك «أضرار كبيرة، نتيجة الأمطار الغزيرة وفيضانات الأودية والرياح القوية، وتأثير مياه الأمواج البحرية، ومياه البحر على المناطق الساحلية، وأن يراوح ارتفاع الأمواج البحرية بين 10 و 13 متراً». من جانبه، أصدر المركز الوطني للإنذار المبكر للمديرية العامة للأرصاد الجوية في عمان، تحذيرات متتالية، يبلغ عددها خمس تحذيرات، أكد فيها أن صور الأقمار الاصطناعية التي تشير إلى تمركز الإعصار المداري «تشابالا» في غرب بحر العرب، وعلى خط عرض 13.27 شمالاً، وخط طول 54.43 شرقاً. وقال المركز في بيان صحافي أصدره أمس (حصلت «الحياة» على نسخة منه): «إن آخر رصد يوضح انخفاض سرعة الرياح السطحية حول المركز لتراوح بين 85 و95 عقدة، أي 153 إلى 171 كم في الساعة. ويبعد مركز الإعصار المداري - لحين إعداد هذا التقرير - 400 كم عن سواحل محافظة ظفار»، متوقعاً أن يتحول إلى إعصار مداري من الدرجة الأولى خلال 12 ساعة. ولفت بيان المركز إلى أنه «ما زالت آخر تحاليل المركز ترجع تحرك إعصار تشابالا باتجاه الغرب مع احتمال عبور مركزه كإعصار من الدرجة الأولى، على سواحل اليمن في المنطقة الواقعة بين محافظتي حصرموت وشبوه خلال ال36 ساعة المقبلة». ولم يستبعد المركز أن تستمر تأثيرات الحال المدارية على محافظة ظفار بازدياد هطول الأمطار الرعدية الغزيرة وهبوب رياح نشطة إلى شديدة السرعة وهيجان في بحر العرب، ليصل الموج على السواحل العمانية ارتفاعاً يراوح بين 5 و7 أمتار، في حين من المتوقع أن يصل على سواحل جزيرة سقطرى اليمنية إلى ارتفاع 10 أمتار. يذكر أن الإعصار تشابالا ليس الأول من أعاصير بحر العرب التي تضرب الجزء الجنوبي من سواحل شبه الجزيرة العربية، إذ تعرضت عمان عام 2007 إلى إعصار نتج منه مقتل 50 شخصاً.