سخرت الفنانة السودانية الشابة مياسة عبدالله سوار الذهب، إعاقتها السمعية والنطقية للتميز والإبداع، وصهرت احتياجاتها الخاصة لتصنع منها قدرات متميزة وتحقق جزءاً من أحلامها. احتلت المركز الأول في امتحان شهادة الثانوية العامة عام 2010، وتخرجت السنة الماضية في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا قسم الفنون الجميلة التطبيقية متخصصة بالخط العربي، وأخيراً نظمت معرضها الفردي الأول في الخرطوم، ومثلت بلدها في كثير من المناسبات الخارجية. تقول مياسة في حديث إلى «الحياة»: «ما عجزت عن البوح به نطقاً، عبرت عنه في أعمال معرضي الأول «لون جديد في الخط الكوفي» الذي ضم 24 لوحة وعدداً من المجسمات، حرصت على إدخال الخط العربي بعديد من أعمالي الفنية، برسائل مختلفة بعيداً من النمطية». وتضيف: «الخط العربي متعدد الاستخدامات، وجميل في كل الأزمان بتراثنا ومواكباً للحداثة، ولقيت أعمالي استحساناً كبيراً من زوار المعرض». وعن هوايتها توضح مياسة: «عشقت الرسم منذ طفولتي وليس لدي أي إحساس إنني معوقة، وإنما الإعاقة الحقيقية تكمن في العجز عن الإرادة، درست مثل أي طالب سوي، إلا أنني واجهت صعوبات في المواد النظرية لعدم وجود مترجمين بلغه الإشارة، اعتمدت على قراءة المقرر من الكتب، وقوة عزيمتي وتوجيه أساتذتي ولهذا الأسباب تفوقت، وتخصصت في الخط العربي وأطمح لمواصلة الدراسات العليا، لكن مجتمعنا للأسف لا يرحم ذوي الاحتياجات الخاصة». رحلة مياسة مع الإعاقة بدأت حين كان عمرها 40 يوماً، إذ أصيبت بحمى. تقول: «لم تلحظ والدتي عدم إدراكي ما حولي من أصوات، إلا بعد شهري التاسع، فعرضوني على طبيب مدينة جدة حيث كنا نقيم، وشخص إصابتي بشلل في العصب السمعي، بعدها لبست السماعة الطبية، وفي معهد الأمل للصم والبكم استطعت التغلب على إعاقتي وتأقلمت مع حياتي الدراسية، كونت صداقات وتواصلت مع من حولي، اعتمدت على طريقة نطق الحروف ولغة الشفاه أكتر من لغة الإشارة، دعمتني أسرتي لممارسة حياتي مثل أي بنت عادية». ولدى الفنانة السودانية الشابة، أحلام كبيرة، تأمل في تحقيقها ذات يوم، على أمل أن تتقبل المجتمعات العربية ذوي الاحتياجات الخاصة وتساعد سياسة الحكومات في اندماجهم في المجتمع وخصوصاً في الوظائف.