انعكس التجاذب الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في خصوص منصب رئيس الجمهورية على مواقف القوميات المختلفة في كركوك والمناطق التي تشهد نزاعاً قومياً، فاعتبرها الأكراد تهديداً مباشراً لحقوق الأقليات الأخرى، فيما أيدها العرب وطالب التركمان بمنحهم حق التمثيل في المجلس الرئاسي. وكان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية اعتبر في تصريحات أن منصب رئيس الجمهورية يجب أن يتولاه عربي لضمان مصالح العراق وعلاقاته مع محيطه العربي، ما أثار استياء الأكراد الذين اعتبروا أن لتصريحات الهاشمي دلالات «عنصرية». وقال الهاشمي في بيان توضيحي إن «بعض وسائل الإعلام حرّف مغزى تصريحاته في صدد موضوع قومية رئيس جمهورية العراق المقبل». وأشار الى أن «علاقته المتميزة وتقديره واحترامه لفخامة الرئيس طالباني أمر محسوم لا يقبل الشك، ولا علاقة لها بتصريحه وأنه يتفهم رغبته ويحترم رغبة التحالف الكردستاني بترشيح الرئيس طالباني لرئاسة ثانية، وهو حق مشروع لكل عراقي أو عراقية من دون استثناء». وفي السياق ذاته، جدد الهاشمي رغبته في أن يكون «رئيساً للعراق مستقبلاً». وقال إن «الموقف المبدئي للهاشمي تجاه الكرد ودعم تجربتهم في كردستان، بل ودعم ترشيح فخامة الرئيس عام 2006 معلومة للجميع، وهو موقف انطلق وينطلق من نظرة موضوعية وحرص على العراق». ورأى أن تصريحاته «ليست موجهة ضد قومية بعينها ولا شخصية بعينها». وتساءل الهاشمي: «لا أدري كيف يكون مجرد ابداء الرغبة موقفاً غير دستوري، فيما الاصرار على مرشح بعينه ومن قومية بعينها دستورياً؟». وكانت رئاسة اقليم كردستان جددت في بيان ترشيحها طالباني لمنصب رئاسة العراق. وشددت الرئاسة الكردية على أن طالباني مرشحها الوحيد، وترشيح أحد شروطها للتحالف مع القوى الأخرى عند تشكيل الحكومة المركزية. ودعت الى التمسك بالدستور الاتحادي وبالأخوة العربية - الكردية، ونددت بما وصفته بأنه اثارة النزعة الشوفينية والاستعلاء القومي وما يروجه البعض من «احتكار تمثيل هوية البلاد بتولي شخصية عربية رأس السلطة». الى ذلك، أكد أكراد في ناحية جلولاء التابعة لقضاء خانقين كبرى المدن المتنازع عليها في محافظة ديالى، أن «التصريحات التي سبقت اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية انذار لدخول البلاد في أزمة غير مسبوقة بعد مطالبات تشير الى ضرورة أن يتولى منصب رئاسة البلاد من القومية العربية». واعتبر مسعود برزنجي أبرز وجهاء عشيرة البرزنجية الكردية في الناحية في تصريح الى «الحياة» أن «التلميحات الاخيرة تهديد لحقوق الأكراد»، داعياً الى «التظاهر في كردستان والمناطق المتنازع عليها تأييداً لتولي جلال طالباني ولاية رئاسية ثانية». ويؤيد عرب في ناحية السعدية الدعوة لتولي عربي رئاسة البلاد باعتبارها تكريساً للغالبية وانتصاراً للسنة الذين تم تغييبهم رسمياً. وشدد أبرز وجهاء الناحية الشيخ فرحان الجبوري على منح «عربي سني المنصب لتأكيد اجهاض مشروع الطائفية والمحاصصة التي يراهن عليها كثير من السياسيين». ولفت إلى أن «الغالبية الشيعية لن تمانع تولي عربي سني رئاسة البلاد في حال توفرت فيه الشروط الوطنية». لكن شريحة من تركمان كركوك أكدت تغييب تمثيلهم القومي في المناصب الرئاسية، وأن «النظام الديموقراطي في العراق لم يُطبق في صورة صحيحة». وتطالب «الجبهة التركمانية العراقية» في كركوك على لسان قادتها بنيل تركمان العراق احدى المناصب السيادية الرئيسة ومن بينها منصب نائب الرئيس أو نائب رئيس الوزراء، ضماناً للتمثيل القومي في الحكومة. وحضّ جلال الدين التركماني عثمان اوغلي على «التمسك بتعاليم السنة والقرآن»، مشيراً الى أنه «لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى»، مؤكداً ضرورة الاتفاق على توزيع المناصب وفقاً للكفاءات والنزاهة والوطنية. ويتردد الحديث في كركوك، أبرز المناطق المتنازع عليها، بين الأهالي حول منصب رئاسة الجمهورية. ويقول محمد العبيدي (عربي) إن تولي عربي منصب الرئيس سيكون مصدر اطمئنان للشرائح العربية في كركوك، فيما يرى كاوا عثمان (كردي) أن من الأفضل أن يكون طالباني الرئيس المقبل وإلا فإن الأمور ستتدهور وستعود عمليات اضطهاد اكراد العراق.