بدت رئيسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إيفانا هردليشكوفا مطمئنة في ختام زيارتها الثانية للبنان منذ تسلمها منصبها في آذار (مارس) الماضي، إلى لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين، على رغم الملاحظات التي سمعتها أو نُقلت إليها عن تذمر اللبنانيين من بطء عمل المحكمة. وأكدت هردليشكوفا في لقاء عقدته مع الإعلام أمس، في فندق «متروبوليتان- هيلتون» محاطة بنائب رئيس المحكمة القاضي اللبناني رالف رياشي والناطقة الرسمية باسم المحكمة وجد رمضان ومسؤولة مكتب التواصل في بيروت أولغا كافران، أن البطء «حال كل مؤسسات الأممالمتحدة، ولسنا استثناء». لكنها شددت على «احتراف المحكمة ومهنيتها». ولم تخش أي ضغوط تؤثر عليها، «فنحن محكمة لا تعمل وفق أجندة سياسية ولن ينقطع تمويلها، لأن دول العالم تثق بالمحكمة وتريد رؤية النتيجة القضائية». القاضية التشيكية الخبيرة القانونية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والباحثة في الشريعة الإسلامية مع التركيز على حقوق الإنسان والتمويل الإسلامي في القانون الدولي والإسلامي، استعانت في مستهل اللقاء بلغة عربية متقنة، للتشديد على «أهمية التواصل بين المحكمة ولبنان والحرص على دقة المعلومات». وانتقلت للحديث بلغة إنكليزية عن مسار المحكمة منذ إنشائها وبدء الجلسات «لمحاكمة مرتكبي جريمة 14 شباط 2005». وقالت إن أمام الادعاء «سنة 2016 كي ينتهي من عرضه، فهو انتقل من عرض الأدلة السياسية الى عرض الأدلة المتعلقة بالاتصالات والآن يعرض الأدلة السياقية ونتوقع أن يعرض أدلة مرتبطة بالهواتف الخليوية لبعض المتهمين»، وأشارت رداً على سؤال ل «الحياة» إلى أن «بعد نهاية 2016 يأتي دور الضحايا ومن ثم دور الدفاع ولا وقت محدداً للانتهاء، علماً أن المحكمة مددت ولايتها حتى العام 2018». ولا تعتبر القاضية هردليشكوفا أن في هذا التأخير ما يدعو الى الإحباط. وتحصي أنه «حتى الآن مثُل أمام المحكمة 87 شاهداً، 26 منهم يتمتعون بالحماية، ومنذ بداية المحاكمة بلغ عدد المذكرات المودعة 116 قراراً وعدد المستندات المودعة 1041 مستنداً، علماً أن عمل المحكمة يشمل بعض الاعتداءات الشبيهة باعتداء 14 شباط حصلت بين تشرين الأول 2004 كانون الأول (ديسمبر) 2005 ضد مروان حمادة وجورج حاوي والياس المر، والتي نشير إليها على أنها قضايا متلازمة، ونتوقع أن توضع قرارات الاتهام أمام قاضي الإجراءات التمهيدية للمصادقة عليها في المستقبل، كما أن المحكمة بلغت مرحلة الاستئناف في قضايا التحقير ضد «الجديد» وكرمى خياط ومرحلة الإجراءات التمهيدية في قضية صحيفة «الأخبار» وإبراهيم الأمين». وقالت إن اللبنانيين «قد ينظرون إلى المحكمة على أنها مؤسسة سياسية، لكن الأمر مختلف، إنها قضائية بحت، ويستفيد منها لبنان والمنطقة، وأُشجع على الانضمام إليها للاستفادة من هذه التجربة الدولية. فهذه المحكمة الأولى التي تنظر في جريمة إرهابية وأصبح لديها خمسة متهمين وتحاكمهم غيابياً وإذا تمكنت الدولة اللبنانية من الإتيان بهم تصبح محاكمتهم وجاهياً، ويعود للمحكمة كيفية التواصل مع الدولة اللبنانية في هذا الموضوع». وعما تتوقعه في العام 2018، قالت إن قضية الرئيس الحريري من أكثر الجرائم تعقيداً ونتوقع متابعة المحاكمة حتى ذلك التاريخ، لكن إذا أودع استئناف فالأمر سيتطلب وقتاً إضافياً. إن سرعة الإجراءات مهمة جداً لأننا نعرف أن العدالة يجب أن تكون سريعة لكن نريدها منصفة أيضاً»، واصفة «البطء في الإجراءات بالإجمال في المحاكم الدولية» بأنه «وجع»، لكن «نشدد على ضمان الإنصاف، وهذه أول محاكمة تتعلق بمتهمين يحاكمون غيابياً وبجريمة إرهابية ولا تعريف واضح للإرهاب، كما أننا نتعامل مع القانون الوضعي في لبنان». وعن تدابير حماية شهود سبق أن استمع إليهم خلال مراحل التحقيق في الجريمة وهم سوريون، وتأثير الوضع في سورية على الأمر، قالت: «لدينا عدد من الشهود الذين يتمتعون بالحماية من قبل الادعاء وهناك آليات يستعان بها للشهود، والوضع حساس، هذا جهد المدعي العام ووحده يعرف هوية الشهود». وعن أهمية الإصرار على قضايا التحقير للمحكمة، قالت «إن صديق المحكمة لدى الادعاء عمل عليها، وهي جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية لمحكمتنا وانتهينا من القضية الأولى وستبدأ القضية الثانية. وستكون منصفة». وعن احتمال تراجع تمويل المحكمة في ظل الشح الذي تواجهه مؤسسات الأممالمتحدة نتيجة الحروب وأعباء النزوح واللجوء، أكدت «أن دول العالم تثق بالمحكمة وهي تمول 51 في المئة من موازنتها وتريد أن ترى النتيجة». وتوقفت القاضية الدولية أمام نشاطات تقوم بها المحكمة على هامش المحاكمة لجهة «الاستثمار في مستقل لبنان من خلال برنامج جامعي مشترك أطلق في العام 2009 بين معهد «آسر» في لاهاي و8 جامعات في لبنان حول القانون الجنائي الدولي، وهو يقدم مجاناً لكل الطلاب وليس من موازنة المحكمة أو موازنة الدولة اللبنانية، بل هو تبرعات، وفرصة ممتازة لدراسة حقل جديد من القانون بهذه الطريقة، نقدم لهم الأدوات الضرورية للتأقلم مع هذا الحق المتطور من العدالة، والذي تمكن الاستفادة منه في قضايا جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية ولكن أيضاً في جرائم الإرهاب في كل أنحاء العالم».