أكد الرئيس السوداني عمر البشير استعداد حكومته للتفاوض مع كل فصائل التمرد في دارفور، رافضاً موقف «حركة العدل والمساواة» بحصر المحادثات معها. وتعهد استكمال عملية السلام وتجاوز من يرفضون الاتفاق مع حكمه، مهدداً بفرض السلام على ربوع الإقليم كافة. وقال البشير لدى مخاطبته حشداً جماهيرياً في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور التي زارها في إطار حملته لانتخابات الرئاسة المقررة في نيسان (أبريل) المقبل، إنه لم يكن يتوقع أن يكون في استقباله عدد كبير من المواطنين بعدما جاءها بصفته مرشحاً وليس رئيساً. ودعا إلى نبذ القبلية والعنف في دارفور، موضحاً أن الصراعات العرقية أودت بحياة الآلاف من الشباب. وقال إن أحداثاً صغيرة تحوّلت إلى حروب تأكل الأخضر واليابس، وطالب أهل الإقليم بعزل من وصفهم بالمخربين ومثيري الفتن، وعدم الاستماع اليهم. وشدد على أن منبر الدوحة لمحادثات السلام مفتوح لكل الفصائل، وقال إن ليس من حق أحد أن يفرض على الحكومة «مع من تفاوض»، في إشارة إلى تمسّك «حركة العدل والمساواة» بحصر المفاوضات معها. وأضاف: «لن نحجر على أحد أو نعزل أحداً، ولن نسمح لأحد أن يفرض علينا موقفه». وحذّر من يمتنع عن توقيع اتفاق سلام من فصائل دارفور، وقال إنها «ستعزل نفسها وستدفع الثمن غالياً». وتابع: «من يأتي للسلام فمرحباً به ومن يرفض وسنفرض الأمن والسلام في كل دارفور». واعتبر البشير الترتيبات الأمنية من أهم بنود اتفاق أبوجا الذي وقّعته حكومته مع «حركة تحرير السودان» برئاسة مني أركو مناوي في 2006، مؤكداً أنه لن يقبل نكوصاً أو محاولات تسويف في هذا الأمر، محمّلاً حركة مناوي مسؤولية عدم دمج مقاتليها مع القوات الحكومية. ودعا البشير مواطني دارفور إلى نبذ السلاح وحصره في أيدي القوات النظامية حتى يكون لحماية المواطن وليس ترويعه. وأضاف أن دارفور كان يمكن أن تكون أفضل حالاً من اليوم لولا «شيطان التمرد»، وقال إنه دخل بين أهل الإقليم وأشعل بينهم فتنة الاقتتال، و «نحن نعلم أن هناك مخربين بيننا ويجب أن يُعزلوا وأن نفوِّت عليهم الفرصة». وقالت مصادر حكومية ل «الحياة» في نيالا إن الجيش وجّه ضربات موجعة الى متمردي «حركة تحرير السودان» في منطقة جبل مرة التي يتحصنون فيها، ولم يعد لهم مناطق يسيطرون عليها، مما أضعف موقف الحركة التي صارت الفصيل الوحيد الذي لم يدخل في محادثات سلام مع الخرطوم. ويقيم زعيم هذا الجناح من «حركة تحرير السودان» عبدالواحد نور في باريس منذ سنوات بعد مغادرته الإقليم في 2006. وتسعى الحكومة إلى إضعاف نور الذي ينحدر من قبيلة الفور كبرى قبائل الاقليم التي تشكل غالبية سكان المخيمات. وتعتقد قيادات في قبيلة الفور أن نور سيتراجع دوره بعدما صار حاكم إقليم دارفور السابق التيجاني السيسي الذي ينحدر من الفور أيضاً رئيسا لتجمع ثماني حركات تحت مسمى «حركة التحرير والعدالة» التي اقتربت من توقيع «اتفاق إطار» مع الحكومة في الدوحة. وترى هذه القيادات أن الغياب الطويل للنور عن الإقليم ليس في مصلحته وانه لم يعد له وجود عسكري مؤثر وإن كان يتمتع بتأييد سكان المخيمات الذين ضاقوا بالحرب. وأضافت أن هؤلاء يمكن أن يتحول ولاءهم إلى السيسي في حال استطاع عبر المحادثات تحقيق مطالبهم وتطلعاتهم. وفي نيروبي (أ ف ب) قال مسؤول سوداني كبير أمس الثلثاء إن تقرير المصير في جنوب السودان هو أولوية مطلقة وإن أي إرجاء للانتخابات العامة يجب ألا يؤثر في الاستفتاء المرتقب في كانون الثاني (يناير) 2011 حول استقلال الجنوب. وقال سلفاكير ميارديت، نائب الرئيس السوداني، أمام الهيئة الحكومية للتنمية (ايغاد) التي رعت اتفاق السلام بين الجنوب والشمال في 2005، إن الجنوبيين ينظرون الى الاستفتاء بأهمية أكبر من الانتخابات المنتظرة في نيسان (أبريل) المقبل. وقال سلفاكير خلال اجتماع ل «إيغاد» في نيروبي إن «سير الانتخابات ليس شرطاً مسبقاً لسير الاستفتاء». وقال إن «شعب الجنوب السوداني يعلق أهمية أكبر على الاستفتاء منه على الانتخابات. حق تحديد المصير بالنسبة إليهم هو من أكبر انجازاتهم السياسية في اتفاق السلام الشامل وسيدافعون عنه بأي ثمن». وأضاف: «أناشدكم تطبيق اتفاق السلام الشامل بالكامل وبحسب جدوله الزمني... وأناشدكم احترام خيار شعب جنوب السودان في استفتاء 2011». ويجتمع قادة دول «ايغاد» الست في نيروبي لتقويم تطبيق الاتفاقية قبيل الحدثين البارزين في السودان، الانتخابات العامة ثم استفتاء تقرير المصير.