خلصت المحكمة الدستورية الكولومبية، السبت في 27 شباط (فبراير)، الى ابطال ترشح الرئيس ألفارو أوريبي الى ولاية ثالثة، وقضت بإلغاء الاستفتاء العام على الولاية هذه. ويحظى أوريبي ب 60 في المئة من الآراء الايجابية. وهو دخل السياسة وزاولها على شاكلة المقاتلين والمحاربين. فابن ملاك الأرض الكبير خلف أباه يوم مقتله، في 1982، بيد جماعة من القوات المسلحة الثورية في كولومبيا («فارك») كانت تحاول خطفه. وباع ألفارو أراضي العائلة الثرية في ميديين، وانصرف الى السياسة، ورائده فكرة ملحة وثابتة هي قطع دابر حرب العصابات. وحين تولى منصب حاكم ولاية انتيوكيا، مهد الطريق الى انشاء ميليشيا خاصة أوكل اليها التصدي للقوات المسلحة الثورية. وقال منذ أشهر قليلة إن فعله هذا لم يكن إلا انفاذاً لقانون سنته الحكومة يومذاك. وأفضت الميليشيات الى نشوء جماعات شبه عسكرية قوية ومتسلطة تتحمل المسؤولية عما لا يحصى من الاغتيالات. وتلاحق مسألة الجماعات هذه الرئيس الى اليوم. وآخر فصولها توقيف ابن عمه، ماريو أوريبي، عضو مجلس الشيوخ السابق، وتهمته بعلاقة مفترضة بالمنظمات شبه العسكرية. ولا يتردد أوريبي في خوض المجابهات الرأسية. ففي آب (أغسطس) الماضي، تحدى الرئيس الكولومبي في باريلوش (الأرجنتين) رؤساء دول أميركا اللاتينية الذين نددوا ب «عمالته» للولايات المتحدة، واجازته استعمال قواتها العسكرية 7 قواعد. فرد بطلبه اذاعة المناقشات وبثها حية. ولم تكن المناقشات ديبلوماسية! وأكثر ما تطيب للرئيس الكولومبي زياراته «المجالس البلدية» المحلية في القرى النائية والبعيدة. ومنذ انتخابه، في 2002، وهو يتردد مساء كل سبت الى مجلس من هذه المجالس، ويناقش مع أهل القرية مشكلاتهم أمام عدسات التلفزيون. ويخشى الوزراء هذه الأوقات. فقد يعمد الرئيس الزائر الى اقالة الوزير اذا لم يجب عن أسئلة المواطنين وشكاويهم اجابة مقنعة. وأوريبي «ابن ضيعة»، ولا يخالف «مجتمع» بوغوتا ونخبها العائلية وأثرياءها. وهو ترشح في 2002 الى الرئاسة على رغم ترشيح حزبه مرشحاً غيره. وأوجز برنامجه في كلمتين «الأمن الديموقراطية». وغداة 8 سنوات على توليه الرئاسة، تنشغل القوات المسلحة الثورية، جراء ضعفها وانكفائها والحرب عليها، بتجارة المخدرات فوق انشغالها بالكفاح السياسي. والمنظمات شبه العسكرية سرحت معظم عناصرها، ولا تزال قلة قليلة ناشطة. وشهد الاقتصاد نمواً قوياً، والمدن آمنة، وانحسر الخطف على الطرق. ولكن الإعدامات خارج اطار القضاء لم تطو صفحتها، والنقابيون يتعرضون للاغتيال في وضح النهار، وتجارة المخدرات منتشرة في أرجاء البلاد. ولا يعف العنف عن الانتخابات العامة. وأدى انفراد أوريبي بالسلطة الى تصحر الحياة السياسية الكولومبية. وقد يخلفه الجنرال خوان مانويل سانتوس، وزير الدفاع، لقاء بلائه في الحرب على القوات المسلحة الثورية، وتحريره انغريد بيتينكور وبعض رفاق أسرها، من غير اطلاق رصاصة واحدة. والمعارضة هزيلة، وتستعد من غير أمل كبير الى انتخابات 14 آذار (مارس) النيابية. * صحافي، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 1/3/2010، إعداد و. ش.