«إن الذين قتلوه لم يقتلوا حلم لبنان الحر والمزدهر»، كتبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لدى زيارتها ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه يوم الأحد الماضي خلال زيارتها إلى لبنان. فهذه الكلمات تعني كل لبناني حر وحريص على استقلال بلده وتحييده عن التدخلات الخارجية. وتأتي هذه الكلمات وزيارة كلينتون قبل انتخابات نيابية مصيرية. فهي رسالة دعم واضحة للدولة اللبنانية والرئيس ميشال سليمان. ولا شك أن تطمين كلينتون اللبنانيين بأن الولاياتالمتحدة لن تعقد صفقة مع سورية على لبنان موقف مهم جداً للبنان السيد والحر وللقوى السيادية فيه. فهناك إدارة أميركية جديدة قررت الحوار مع دول تتدخل في الشؤون اللبنانية مثل سورية وإيران عبر حلفائهما على الأرض في لبنان، ولكن الحوار الأميركي ليس على حساب لبنان. فهو حوار مبني على ضرورة احترام سورية لسيادة لبنان وحريته. فقد ولّى الزمن الذي كانت المظلة الاميركية تحمي الوصاية السورية على لبنان. وتحمل زيارة كلينتون للرئيس سليمان ولضريح الرئيس الحريري معاني كثيرة ولها رموز عديدة بالنسبة الى سيادة لبنان. فهي تأتي قبل انتخابات مصيرية للبنان. وكل مسؤول أجنبي يزور لبنان في هذه الفترة الانتخابية ويلتقي الرؤساء الثلاثة يسمع منهم أن الانتخابات في البلد لن تغيّر شيئاً، ولن تكون هناك غالبية كبيرة لأن الفارق بين القوتين المتنافستين سيكون ضئيلاً. إلا أن التنافس القائم داخل فريق 14 آذار والانقسام في صفوفه ينبغي ألا يقتل ما وصفته كلينتون بأنه «حلم لبنان الحر والمزدهر». ان الصفقات الانتخابية التي تجري ضمن القوى المتحالفة لا تنبئ بالخير لنتائج هذه الانتخابات. والمطلوب يقظة حقيقية من الشعب اللبناني وقياديي القوى التي خاضت ثورة التحرير كي ينسوا مصالحهم الخاصة، وأن يدركوا أن مستقبل البلد على المحك وأن عودة الهيمنة السورية - الإيرانية عبر حلفائها على الأرض وشيكة إذا فازت المعارضة في الانتخابات. صحيح أن الأوضاع الاقليمية تتغير مع خروج سورية من عزلتها السابقة وإعادة فتح إدارة الرئيس أوباما حواراً معها. وصحيح أن اوباما يريد الحوار مع إيران وأن الإدارة الأميركية بحاجة إلى ايران في أفغانستان وفي العراق، إلا أن الحوار الأميركي - السوري هو لمصلحة لبنان وليس على حساب لبنان كما هي المصالحة السعودية - السورية. فالمصالحة العربية التي دعا اليها الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي أيضاً لمصلحة لبنان وليست على حسابه. وإضافة إلى هذه التطمينات الدولية المهمة، هناك محكمة دولية تأخذ مجراها بعيداً عن أي تدخلات. وستكشف الحقيقة وتؤكد من قتل الرئيس الحريري وشهداء لبنان. فمهما حدث من اخلاء سبيل أو استمرار توقيف الضباط الأربعة فمعروف أن العدالة الدولية لن تتأثر بالأمور السياسية الداخلية ولا بالإشاعات في لبنان، فالتحقيق مبني على البراهين والأدلة التي حصل عليها القاضي بلمار. والتخوف من اخلاء سبيل الضباط الأربعة ليس في محله لأن بلمار عازم كما أكد مراراً على التوصل إلى نتيجة وإلى الحقيقة، وقال مراراً إن لديه أدلة للتوصل إلى نتائج ولكنه يريد المزيد من العمل للمزيد من التأكد. فالمطلوب يقظة قوى 14 آذار كي «لا يُقتل حلم لبنان الحر والمزدهر».