اتخذ تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) قرارات عدة أخيراً، أبرزها التجنيد الإجباري في مدينة الرقة شمال سورية، إضافة إلى عرض مكافآت لمن يستطيع تجنيد أشخاص جدد للقتال معه، ما قد يشير إلى بداية أزمة في صفوف التنظيم الذي يعتمد في شكل رئيس على العنصر البشري في حروبه. وطالب التنظيم أبناء الريف الشمالي في الرقة، ممن تتجاوز أعمارهم ال 14 سنة بالتوجه إلى مقراته لتسجيل أسمائهم وبياناتهم سعياً منه إلى تجنيدهم، وذلك بعد الخسائر الكبيرة التي وقعت في صفوفه في الآونة الأخيرة، مهدداً كل من يتخلف عن الحضور بعقوبات شديدة ومحاسبة «شرعية». وأشار تقرير صدر الشهر الماضي عن «المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي» إلى أن العشرات من المقاتلين تركوا التنظيم لعدم حصولهم على السلع الفاخرة والسيارات التي وعدوا بها قبل انضمامهم. وأوضح التقرير الذي اعتمد على روايات 58 منشقاً عن التنظيم جاءوا من 17 دولة، أن أحد أسباب الانشقاق تتلخص في الحياة القاسية والمخيبة للآمال، إذ ان هناك أشخاصاً انضموا الى التنظيم طمعاً في المكاسب المادية التي يقدمها، لكنهم لم يحصلوا على شيء. ويصف بعض المنشقين المهمات الموكلة اليهم بالمملة في ظل عدم وجود قتال فعلي، إضافة إلى تعرض المقاتلين الأجانب للاستغلال. وعزا آخرون أسباب الانشقاق إلى العنف المفرط الذي يمارسه التنظيم في حق المدنيين والرهائن الأبرياء، إضافة إلى تعرض المقاتلين للإعدام في حال لم ينفذوا أوامر قادتهم. وانتقد آخرون قيام التنظيم بمحاربة المجموعات السورية المعارضة بدلاً من محاربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأحد العوامل الرئيسة التي أدت إلى انشقاق بعضهم قيام التنظيم بالتمييز في المعاملة بين المقاتلين المحليين والأجانب من ناحية الامتيازات الممنوحة لهم. إلا أن أكثر أسباب الانشقاق طرافة كانت لمقاتلين فرنسيين انشقوا عن التنظيم لعدم توافر الخبز الطازج، وفق ما قالت اجهزة استخبارات فرنسية، نقلت عن أحد المقاتلين الفرنسيين المنشقين عن التنظيم، إنهم اضطروا لتنظيف الأطباق المتسخة من دون توفير قفازات خاصة ما سبب ضرراً لجلدهم. وذكرت تقارير إعلامية أن ضربات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية أسفرت عن مقتل حوالى 10 آلاف مقاتل من التنظيم منذ بداية الحملة، ما يشير إلى حاجته لتجنيد مقاتلين جدد، إلا أن بعض الجهات شككت في تلك الأرقام. ولتعويض النقص في المقاتلين يقوم التنظيم، وفق ما ذكرت مصادر عشائرية عراقية، بضم مدنيين كما فعل في مدينة هيت بمحافظة الأنبار غرب العراق، مهدداً من يرفض التجنيد بالعقوبات. وقال خبراء في الأممالمتحدة إن تنظيم «الدولة الإسلامية» يدفع لأنصاره نحو 10 آلاف دولار عن كل شخص يجنده للانضمام إلى صفوفه. وتعتمد المبالغ التي يدفعها التنظيم للمقاتلين الجدد على تحصيلهم العلمي وتخصصاتهم، مثل تخصص الحاسوب أو الطب. وأوضحت إليزابيتا كارسكا التي ترأس مجموعة دولية تدرس هذه المسألة، أن التنظيم يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات غير الرسمية التي تضم أصدقاء وأقارب العديد منهم في سورية، لتجنيد مقاتلين جدد في بلجيكا. وكشف خبراء في الأممالمتحدة أن 500 مقاتل أجنبي يتواجدون في العراق وسورية جاؤوا من بلجيكا، وهو أعلى عدد للقادمين من دول اوروبية مقارنة بعدد السكان. وأشارت كارسكا إلى أن جزءاً كبيراً من التجنيد يتم حالياً من خلال الأصدقاء والأقارب في سورية الذين يتم دفع المبالغ المالية لهم، اعتماداً على عدد الأشخاص الذين يجندونهم، وما إذا كان الأشخاص المجندون سيتزوجون لاحقاً. وقالت إن أعداداً متزايدة من النساء والفتيات يتركن بلجيكا للزواج من مقاتلين أو لرعاية المرضى والجرحى، ولكن بعضهن يشارك في القتال.