تتكثف التحركات اللبنانية الخارجية نهاية هذا الأسبوع وفي الأسابيع القليلة المقبلة، بالتزامن مع إقبال الحكومة اللبنانية على ملفات داخلية جديدة مهمة أبرزها مناقشة وإقرار الموازنة العامة للعام الحالي، واستكمال البت في التعيينات الإدارية بعد البت بدفعتين منها، فضلاً عن مناقشة المجلس النيابي لمشروع قانون الإصلاحات للانتخابات البلدية بعد أن أقرته الحكومة لإجرائها في حزيران (يونيو) المقبل. ويجري رئيس الجمهورية ميشال سليمان بدءاً من اليوم محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين، يتقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خلال زيارة للسعودية على رأس وفد وزاري تستمر يومين، وتتناول العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة وعلى الصعيد الدولي. ويغادر رئيس الحكومة سعد الحريري من جانبه اليوم بيروت الى الكويت، في زيارة رسمية يقابل خلالها أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح وكبار المسؤولين لبحث الوضع العربي. وفيما يهدف التحرك الخارجي الى ضمان شبكة أمان «خارجية للبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، إضافة الى تنسيق المواقف قبيل انعقاد القمة العربية العادية في 27 آذار (مارس) الحالي في ليبيا، استبعد الحريري في حديث الى الصحافة الكويتية حرباً إسرائيلية على لبنان، «لأن من يريد حرباً لا يتحدث عنها». وكشف تلقيه تطمينات خلال زياراته الخارجية، وأكد أن اللبنانيين «سيسقطون رهان إسرائيل على انقسامهم». وقال: «الحرب قد تدمر لبنان لكن الانقسام الداخلي ينهيه ويقضي عليه». وإذ أكد الحريري أن علاقته بالرئيس السوري بشار الأسد «كتير مليحة»، اعتبر أن «مصالحة مصر وسورية ضرورية للعرب ويفيد منها لبنان». ورأى الحريري ان إقرار الموازنة «يطلق عملية الاستثمار... ونريد تأمين الكهرباء للناس في وقت محدد وعلينا تأمين المال اللازم وعلى كل القوى السياسية تحمل مسؤوليتها في هذا الإطار». وكان الرئيس سليمان رأى ان تعيينات الهيئات الرقابية في مجلس الوزراء وهيئة الرقابة على المصارف «كانت ضرورية داخلياً وخارجياً»، لافتاً الى أهمية اعتماد آلية للتعيينات «تتيح تكافؤ الفرص». وكان إنجاز التعيينات في المراكز الشاغرة في هيئات رقابية مالية وإدارية وقضائية تأخر زهاء شهرين، نتيجة خلافات عليها، فضلاً عن تأخر آلية للتعيينات الإدارية عموماً، ما أدى الى بروز أصوات بأن الحكومة تتعرض للشلل وإلى اتهامات ضمنية من رموز في الأكثرية للمعارضة بأنها تعرقل العمل الحكومي على رغم ان الحكومة هي حكومة وحدة وطنية. وهو ما دفع الحريري الى القول في إحدى جلسات مجلس الوزراء ان حكومة الوحدة التي هي استثناء هي أمام امتحان. ويترقب الوسط السياسي ما إذا كان البحث في مشروع الموازنة الذي أعدته وزيرة المال ريا الحسن سيخضع أيضاً للتأخير والتأجيل بسبب الخلافات عليه، في وقت وعدت الحكومة في بيانها الوزاري بتحقيق إنجازات ضمن مهل محددة منها زيادة الإنتاج في الطاقة الكهربائية بنسبة 600 ميغاوات خلال 8 أشهر، انقضى منها حتى الآن قرابة 3 أشهر (نالت الثقة في 10 كانون الثاني/ ديسمبر الماضي)، بينما يتطلب تنفيذ عدد من المشاريع التي لحظت في موازنات عدد من الوزارات تأمين واردات تداركاً لزيادة العجز الناجم عن خدمة الدين العام المتصاعد. وكان الحريري أجرى مشاورات بعيدة من الأضواء مع قوى المعارضة حول مسألة الواردات في الموازنة منها زيادة الضريبة على القيمة المضافة لاستكشاف موقفها منها والبناء عليه من أجل خفض الإنفاق أو إبقائه مع إحداث توازن عبر الواردات من طريق الزيادة الضريبية تجنباً لزيادة العجز والمديونية. وقالت مصادر إن الاجتماعات بين الحريري وبين ممثلين من حركة «أمل» و «حزب الله» تناولت الخيار بين خفض الانفاق على بعض المشاريع وفي بعض الميادين، وبين رفع ضريبة القيمة المضافة من 10 الى 12 في المئة. وذكرت مصادر المعارضة ان الحريري طرح أيضاً خيار الزيادة الى 15 في المئة من دون الإصرار عليه لكن قيادة المعارضة لم تقبل بذلك. وتردد أن الحريري التقى خلال اليومين الماضيين ممثلين عن «أمل» و «حزب الله»، على أن يواصل مشاوراته مع المعارضة بعد عودته من الكويت قبل عرض الموازنة على مجلس الوزراء. من جهة ثانية، وصل الى بيروت بعد ظهر أمس قائد القوات الأميركية الخاصة في المنطقة الوسطى الجنرال تشارلز توماس كليفلند، آتياً من العقبة على متن طائرة عسكرية أميركية يرافقه وفد، وهي الزيارة الثانية لمسؤول عسكري أميركي كبير الى بيروت خلال الأسبوع الحالي، بعدما كان زارها قائد العمليات الخاصة في الجيش الأميركي الأربعاء الماضي.